كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

أبي مريم) (¬1) ، وتراه تارة يقول في بعض التراجم مثلاً: (عبد الرحمن بن أيمن المخزومي المكي، رأى أبا سعيد رضي الله عنه) (¬2) وكثيراً ما تراه - رحمه الله تعالى - يُصدر تراجم الرواة بصيغتي الأداء "سمع"، و "عن".
فلما كان قد ذكر في بعض الأسانيد التي وصلت للبخاري - حمه الله تعالى- أن زياد بن ميمون قال حدثنا فيما رواه عن انس - رضي الله عنه -، وكلك جميل بن زيد قال حدثنا ابن عمر - رضي الله عنهما - كما في رواية إسماعيل بن زكريا عن جميل بن زيد فقد قال البخاري: (وقال إسماعيل بن زكريا حدثنا جميل ثنا ابن عمر ... ) (¬3) ؛ لعل البخاري رأى من الأفضل أن يذكر السماع حتى لا يعترض عليه البعض بأنه قد فاته ذكر السماع مع وروده.
2- إن البخاري بين وبجلاء بطلان صحة السماع المذكور بنقله ما ينص على الصواب، فأبرأ ذمته من أي تبعة أو تناقض لأنه نبه على الخطأ وأوضح الراجح والصحيح بما نقله، كما يظهر مما تقدم في ترجمتي زيادة بن ميمون، وجميل بن زيد.
والذي يترجح لدي أن البخاري - رحمه الله تعالى - صنع ما صنع في بعض التراجم من ذكر السماع ثم نقل ما يدل على نفيه حتى يسلم من النقد والاستدراك.
الملاحظة الثانية: الإمام البخاري عندما يسمي تلاميذ صاحب الترجمة يقول أحياناً: "سمع منه فلان ... "، وكثيراً ما يقول: "روى عنه فلان ... "، فهل بين الصيغتين فرق في المعنى؟
ومن الواضح أن عبارة "سمع منه" نصف في السماع، ولا شك، ولكن يتوجه النظر إلى عبارة "روى عنه" فهل تفيد هذه العبارة أن سماع التلاميذ غير ثابت من صاحب الترجمة؟
للإجابة على هذا السؤال فقد راجعتُ تراجم كثيرة لأتحقق من ذلك؛ فظهر لي أن عبارة "روى عنه" ليست نصاً في عدم السماع:
¬_________
(¬1) التاريخ الكبير (5/254) .
(¬2) التاريخ الكبير (5/255) .
(¬3) التاريخ الصغير (2/75) .

الصفحة 104