كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

عن ابن عمر (¬1) ، فلو كان قد جالس ابن عمر كثيراً ما احتاج لينزل في حديثه عنه إلى هذه الدرجة، وبهذا يعلم أنه التقى بابن عمر ورآه ولكن لم يرد ما يثبت أنه سمع منه.
3- أخرج البخاري في "القراءة خلف الإمام" حديثاً من طريق زارة بن أبي أوفى عن عمران بن حصين أن رجلاً صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بسبح اسم ربك الأعلى ... الحديث.
ثم إن البخاري أخرج بعد هذا الحديث مباشرة: (عن زرارة قال: رأيت عمران بن حصين يلبس الخز) (¬2) . ثم رجع فساق الحديث الأول بخمسة أسانيد عن زرارة عن عمران وليس فيها التصريح بالسماع.
ولا أجدُ تفسيراً لصنيع الإمام البخاري إلا أنه أراد إثبات أن زرارة قد لقي عمران بن حصين - رضي الله عنه - لاسيما وأن موضوع الكتاب كله عن مسألة القراءة خلف الإمام، وليس ثمة علاقة بين لبس الخز وموضوع الكتاب ألبته، فلا يبقى إلا القول بأن الإمام البخاري ساق ذلك الأثر ليقرر أن زارة بن أبي أوفي لقي عمران بن حصين - رضي الله عنه -، ومما يزيد الأمر قوة أن سماع زرارة من عمران غير معروف بنص بعض أهل العلم فقد قال الغمام أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي (¬3) : (لا يعرف سماع زرارة من عمران بن حصين، وإنما يعرف سماعه من أبي هريرة وعبد الله بن سلام) (¬4) .
¬_________
(¬1) انظر مسند الشاميين (1/64-65/ [69، 70، 71] ) ولعل من حكم على حديثه عن ابن عمر بأنه مرسل نتيجة روايته عن ابن عمر بواسطة ولأنه لم يوجد ما يثبت سماعه منه.
(¬2) القراءة خلف الإمام (ص47) حديث رقم [89] بتحقيق زغلول.
(¬3) هو عبد العزيز بن محمد بن محمد بن عاصم النخشبي، إمام حافظ، رحل إلى الآفاق في طلب الحديث، وأثنى عليه العلماء، قال يحيى بن مندة: كان أوحد زمانه في الحفظ والاتقان لم نر في الحفظ في عصرنا، توفي سنة 456هـ. انظر تذكرة الحفاظ (3/1156) والنبلاء (18/267) .
(¬4) فوائد أبي قاسم الحنائي المسماة "بالحنائيات" تخريج النخشبي (ق 130) ، ونقل نص النخشبي في جامع التحصيل (ص176) .

الصفحة 111