كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

والإمام البخاري هنا احتج بالرؤية على إثبات اللقاء الذي هو شرطه في الاحتجاج بالحديث المعنعن.
4- ذكر البخاري - رحمه الله - في التاريخ الكبير عند ترجمته لمسروق بن الأجدع أنه: رأى أبا بكر وعمر (¬1) ولكنه قال في التاريخ الصغير: (سمع من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما) (¬2) .
فأثبت له السماع مع أن مسروقاً لم يثبت له عنما إلا الرؤية، قال علي بن المديني: (وصلى خلف أبي بكر، ولقي عمر وعلياً، ولم يرو عنهم شيئاً) (¬3) .
5- رأيت شيخ الإمام البخاري علي بن المديني يستخدم لفظ اللقيا كثيراً في كتابه "العلل" عند إثباته سماع الرواة من شيوخهم مما يدل على أنه لا يشترط السماع فقط وإنما اللقاء، فمن ذلك:
قوله: (حبيب بن أبي ثابت لقي ابن عباس، وسمع من عائشة، ولم يسمع من غيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) (¬4) .
والملاحظ هنا أنه فرق بين سماع حبيب من ابن عباس، وسماعه من عائشة، فقال علي بن المديني في رواية حبيب عن ابن عباس بأنه "لقي" وقال في رواية حبيب عن عائشة بأنه "سمع"، ثم سمى اللقاء سماعاً في قوله: (ولم يسمع من غيرهما) .
وقال ابن المديني: (سالم بن أبي الجعد قد لقي عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقى جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو، والنعمان بن بشير، ورأى أنس بن مالك) (¬5) .
¬_________
(¬1) التاريخ الكبير (8/35) .
(¬2) التاريخ الصغير (1/150) .
(¬3) العلل لابن المديني (ص61) .
(¬4) االعلل لابن المديني (ص66) .
(¬5) العلل لابن المديني (ص63) .

الصفحة 112