كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ("خيركم من تعلم القرآن وعلمه"، قال (¬1) : وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عُثمان حتى كان الحجاج، قال (¬2) : وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا) (¬3) .
وثبت عن شعبة بن الحجاج أنه قال (لم يسمع أبو عبد الرحمن السلمي من عثمان) (¬4) ، وكذا قال يحيى بن معين (¬5) ، ولم يُنكر الإمام أحمد قول شعبة (¬6) ، وأما أبو حاتم فأجاب على من سأله (سمع من عثمان بن عفان؟ قال: روى عنه ولا يذكر سماعاً) (¬7) .
فلماذا صحَّح البخاري الحديث إذا كان يخالف شرطه في الاحتجاج بالسند المعنعن؟ .
قل يُقال لعل البخاري وقف على طريقٍ للحديث نفسه فيه تصريح أبي عبد الرحمن السلمي بالسماع من عثمان رضي الله عنه، ولكن الواقع أن الحافظ ابن حجر ذكر في شرحه على صحيح البخاري أنه لم يجد التصريح بالحديث عن طريقٍ يعتمد عليه وذلك خلال مناقشته لقول شعبة السابق، فقد قال (قد وقع في بعض الطرق التصريح بتحديث عثمان لأبي عبد الرحمن، وذلك فيما أخرجه ابن عدي (¬8) في ترجمة عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي مريم من طريق
¬_________
(¬1) القائل الأول هو سعد بن عبيدة راوي الحديث عن أبي عبد الرحمن السلمي، والقائل الثاني هو أبو عبد الرحمن نفسه، انظر فتح الباري (8/695) .
(¬2) صحيح البخاري) . (8/692/ [5027] كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
(¬3) مسند الإمام أحمد (1/36/ [412] تحقيق أحمد شاكر، والمراسيل لابن أبي حاتم (ص 94)
(¬4) فتح الباري (8/693) .
(¬5) المراسيل لابن أبي حاتم (ص 95) .
(¬6) المراسيل لابن أبي حاتم (ص 94) .
(¬7) الكامل في الضعفاء لابن عدي (4/1568) وقد قال ابن عدي في ابن أبي مريم هذا: يحدث بالبواطيل، وقال: إما أن يكون مغفلاً أو متعمداً.
(¬8) فتح الباري (8/649) .

الصفحة 118