كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) (¬1) فلو كان لعاصم عن أبي عبد الرحمن السلمي طريق وسند في القراءة عن عثمان رضي الله عنه لشهر ذلك وأظهره لأنه كان عثمانياً ويُقدم عثمان على علي في الأفضلية (¬2) على عكس ما هو مشهور عن أكثر الكوفيين.
وأغلب الظن أن البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ لم يأخذ بقول شعبة هذا لأن القرينة قوية جداً كما يتضح من كلام ابن حجر السابق، وهذا مما يؤكد أن البخاري لا يطبق شرطه في الحديث المعنعن تطبيقاً جامداً بل ينظر للقرائن القوية ولا يُهملها، فلله دره من إمام واسع الأفق لا تسجنه الألفاظ، ولا تأسره العبارات.
2- سأل الترمذي البخاري عن حديث يرويه (حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في العيدين والجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية، وربما اجتمعا في يوم فيقرأ بهما.
فقال البخاري: هو حديث صحيح (¬3) .
والإمام البخاري عندما ترجم لحبيب بن سالم قال: (حبيب بن سالم مولى النعمان بن بشير الأنصاري، عن النعمان، روى عنه أبوبشير وبشير بن ثابت ومحمد بن المنتشر وخالد بن عرقطة وإبراهيم بن مهاجر، وهو كاتب النعمان، فيه نظر (¬4)) (¬5) .
وفي قوله: "عن النعمان" مما يدل على أن سماع حبيب عن النعمان لم يثبت بيقين عند البخاري وإلا لقال - كما هي عادته - "سمع النعمان". لاسيما وقد
¬_________
(¬1) معرفة القراء الكبار (1/91، 92، 94) وسير أعلام النبلاء (4/270) .
(¬2) معرفة القراء الكبار (1/91، 93) .
(¬3) العلل الكبير للترمذي (1/285-286) .
(¬4) هذه فائدة نفيسة جدًا لم تذكر في شيء من كتب علم الجرح والتعديل، وهي أن البخاري صحيح لمن قال: فيه نظر، وهذه الفائدة تحرضنا على البحث عن حقيقة مراد البخاري بقوله: فيه نظر، إذ تحتاج المسألة لبحث استقرائي متأن..
(¬5) التاريخ الكبير (2/318) .

الصفحة 120