كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

إليها، فإن الراجح أخذ ما جاء في التاريخ إلا أن يكون هناك ما يطعن في صحة النقل التاريخي أو يشكك في صدقه.
ساق البخاري حديثًا من طريق: (محمد بن عبد الله عن المطلب عن أبي هريرة: "دخلت على رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة عثمان وفي يدها مشط") (¬1) .
ثم عقب عليه منتقدًا بقول: (لا أدري حفظ؟!، لأن رقية بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - ماتت أيام بدر، وأبوهريرة هاجر بعد ذلك بنحو من خمس سنين أيام خيبر، ولا تقوم به الحجة) (¬2) .
فرفض البخاري الحديث ولم يحتج بما ذكر فيه من لقاء أبي هريرة لرقية بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعارضة ذلك لحقائق التاريخ.
2- ... تصريح الراوي بنفسه أنه لم يسمع ممن روى عنه:
إذ صرح الراوي بنفسه أنه لم يسمع من فلان الذي روى عنه كان ذلك التصريح أقوى من غيره إذا كان سند النص المصرح فيه بعدم السماع صحيحًا، ومن ذلك:
جاء في بعض الأسانيد أن جميل بن زيد قال حدثنا ابن عمر (¬3) ، وقد قال جميل بن زيد نفسه:
(هذه أحاديث ابن عمر بما سمعت من ابن عمر شيئًا، إنما قالوا لي: اكتب أحاديث ابن عمر فقدمت المدينة فكتبتها) (¬4) .
3- دخول التحديث خطأ في الإسناد:
يحدث أحيانًا أن يروى سند فيه التصريح بالسماع بين راو وشيخه، ولكن يكون ذلك خطأ وليس صوابًا، فلا يحتج بالتصريح بالسماع لمجرد وروده في سند حتى يتأكد من أنه ليس بخطأ، وقد نبه البخاري على بعض من ذلك:
¬_________
(¬1) التاريخ الكبير (1/129) ، والتاريخ الصغير (1/43) .
(¬2) التاريخ الصغير (1/43) .
(¬3) التاريخ الصغير (2/75) .
(¬4) التاريخ الصغير (2/74 - 75) ، وسند النص أحمد بن حنبل عن أبي بكر بن عياش عن جميل، فالسند إلى جميل قوي.

الصفحة 124