كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

قال البخاري: (قال لي ابن حجر: ولد عبد الجبار (¬1) بعد موت أبيه بستة أشهر، وقال فطر عن أبي إسحاق عن عبد الجبار سمعت أبي، ولا يصح) (¬2) .
وقال البخاري في سند روي فيه تصريح الحسن البصري بسماعه من أبي هريرة: (ولا يصح سماع الحسن من أبي هريرة) (¬3) .
وقال البخاري: (أبولقمان سمع أبا هريرة، قال ابن مهدي، وابن صالح نا أبولقمان عن عبد الله عن أبي هريرة، وهذا أصح) (¬4) . يعني بينه وبين أبي هريرة رجل، ومقتضى هذا أن السماع دخل خطأ.
ولابن رجب كلام طيب حول هذه النقطة، فقد قال: (وكان أحمد يستنكر دخول التحديث في كثير من الأسانيد، ويقول: هو خطأ، يعني ذكر السماع:
قال في رواية هدية عن حماد عن قتادة نا خلاد الجهني: "هو خطأ، خلاد قديم، ما رأى قتادة خلادًا، وذكروا لأحمد قول من قال: عن عراك بن مالك سمعت عائشة فقال: "هذا خطأ" وأنكره، وقال: عراك أين سمع من عائشة؟ إنما يروي عن عروة عن عائشة".
وكذلك ذكر أبوحاتم الرازي: أن بقية بن الوليد كان يروي عن شيوخ ما لم يسمعه، فيظن أصحابه أنه سمعه، فيروون عنه تلك الأحاديث ويصرحون بسماعه لها من شيوخه، ولا يضبطون ذلك.
وحينئذ فينبغي التفطن لهذه الأمور، ولا يغتر بمجرد ذكر السماع والتحديث في الأسانيد، فقد ذكر ابن المديني أن شعبة وجدوا له غير شيء يذكر فيه الإخبار عن شيوخه، ويكون منقطعًا.
وذكر أحمد أن ابن مهدي حدث بحديث عن هشيم أنا منصور بن زاذان، قال أحمد: "ولم يسمعه هشيم من منصور") (¬5) .
¬_________
(¬1) هو عبد الجبار بن وائل بن حجر الحضرمي.
(¬2) التاريخ الكبير (1/69) .
(¬3) التاريخ الكبير (2/35) .
(¬4) التاريخ الكبير (8/66) .
(¬5) شرح علل الترمذي (1/369 - 370) .

الصفحة 125