كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

ب - موانع غير قادحة:
1- معارضة أحد الأئمة المتقدمين:
في بعض الأحيان نجد تعارضًا في بعض الأقوال بين البخاري وأحد الأئمة المتقدمين عليه في العمر، فذلك الإمام يقول: فلان لم يسمع من فلان، والبخاري: يقول سمع، وفي هذا ما يدل على أن الإمام البخاري لم يجعل أحكام الأئمة من قبله إذا عارضها الدليل مانعًا تسوغه حجة: لعله بلغهم ما لم يبلغني، ومن الشواهد على ذلك:
أثبت البخاري لمجاهد السماع من علي بن أبي طالب رضي الله عنه (¬1) ، بينما أنكر ابن معين ذلك (¬2) .
وأخرج البخاري في صحيحه (¬3) لمجاهد عن عائشة عدة أحاديث مثبتًا بذلك سماع مجاهد عن عائشة، وقد قال شعبة، ويحيى بن سعيد القطان، وابن معين، أن مجاهدًا لم يسمع من عائشة (¬4) .
وأثبت البخاري سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه، ونفي ذلك شعبة، قال البخاري: (قال شعبة: لم يسمع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه، وحديث ابن خثيم أولى عندي) (¬5) .
وهذه الأقوال تثبت إمامة البخاري ومكانته الاجتهادية في العلم.
2- عدم صحة ما ينفي اللقاء تاريخيًا:
إذا جاء في سند صحيح ما يثبت اللقاء، ولكن هناك ما يعارضه من أقوال المؤرخين غير المعتمدين فإن ما في السند الصحيح يقدم على قول أهل التاريخ
¬_________
(¬1) التاريخ الكبير (7/412) .
(¬2) المراسيل لابن أبي حاتم (ص161) .
(¬3) صحيح البخاري (3/701/ [1776] ) ، كتاب الحج، باب كم اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي الحديث سماع مجاهد لصوت عائشة.
(¬4) المراسيل لابن أبي حاتم (ص161-162) .
(¬5) التاريخ الصغير (1/99) وفي حديث ابن خثيم إثبات أن عبد الرحمن كان مع أبيه شاهدًا لما أخر الوليد بن عقبة الصلاة.

الصفحة 126