كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

الذين فيهم نظر، وهذا ما فعله البخاري في حديث مسروق عن أم رومان الذي أخرجه في صحيحه (¬1) ، فقد قال: (وروى علي بن زيد عن القاسم: ماتت أم رومان زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه نظر، وحديث مسروق أسند) (¬2) ، ويعني البخاري أن تصريح مسروق بلقائه لأم رومان أصح سندًا من قول القاسم أنها ماتت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن قول القاسم من رواية علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.
وقد طعن غير واحد في حديث مسروق عن أم رومان الذي أخرجه البخاري في صحيحه، ومن هؤلاء ابن السكن، والخطيب البغدادي، والقاضي عياض، والسهيلي، وابن سيد الناس، والمزي، والذهبي (¬3) ، والعلائي (¬4) ، وحجتهم في ذلك ما ذكره ابن كثير عنهم بقوله: (وذلك لما ذكره أهل التاريخ أنها ماتت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -) (¬5) .
وممن أيد البخاري ونصره ابن القيم (¬6) ، وكذلك الحافظ ابن حجر الذي قال: (والذي ظهر لي بعد التأمل أن الصواب مع البخاري، لأن عمدة الخطيب ومن تبعه في دعوى الوهم الاعتماد على قول من قال: إن أم رومان ماتت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة أربع وقيل سنة خمس، وقيل ستة ست، وهو شيء ذكره الواقدي، ولا يتعقب الأسانيد الصحيحة بما يأتي عن الواقدي، وذكره الزبير بن بكار بسند منقطع فيه ضعف أن أم رومان ماتت سنة ماتت سنة ست في ذي الحجة، وقد أشار البخاري إلى رد ذلك في تاريخه الأوسط والصغير، فقال بعد أن ذكر أم رومان في فصل من مات في خلافة عثمان: روى علي بن زيد عن القاسم قال ماتت أم رومان في زمن
¬_________
(¬1) صحيح البخاري (7/500/ [4143] ) ، كتاب المغازي، باب حديث الإفك، وفيه قال مسروق: "حدثتني أ/ رومان".
(¬2) التاريخ الصغير (1/63) .
(¬3) فتح الباري (7/503) .
(¬4) جامع التحصيل (ص277 - 278) .
(¬5) تفسير ابن كثير (5/68) .
(¬6) زاد المعاد (3/266-267) .

الصفحة 127