كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

ومع ذلك فإن البخاري قال: (وحديث سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة (¬1) عن أبيه في المواقيت هو حديث حسن) (¬2) .
فالبخاري ينص على أن سليمان بن بريدة لم يذكر في شيء من أحاديثه عن أبيه أنه قال سمعت أبي أو حدثني أبي أو قال لي، ونحو ذلك من عبارات الاتصال وثبوت اللقاء، ولكنه حكم على حديث يرويه سليمان بن بريدة عن أبيه بأنه حسن (¬3) ، فلماذا صنع ذلك؟
يظهر من الحديث السابق أن البخاري يناقض نفسه، وقد يقول البعض: إن هذا ما يؤيد رأي ابن كثير ومن تبعه بأن البخاري ثبوت اللقاء في أعلى الصحة وليس في أصل الصحة، ولكن أقول: ظهر لي أن البخاري قوى حديث سليمان عن أبيه، مع كلامه الدال على أن سليمان بن بريدة لم يذكر سماعًا من أبيه لقرائن من أهمها:
1- إن السماع بين سليمان ووالده أقوى بكثير من عدم السماع لما يلي:
أ - أن بريدة بن الحصيب - رضي الله عنه - هو والد سليمان.
ب - أن سليمان أدرك من حياة أبيه أكثر من أربعين سنة، فقد ولد سنة 15 للهجرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومات سنة 105هـ وله ن العمر تسعون سنة (¬4) .
وأما بريدة بن الحصيب رضي الله عنه والد سليمان فقد مات سنة 63هـ (¬5) ، فيكون سليمان أدرك من حياة والده ثماني وأربعين سنة.
¬_________
(¬1) هو سليمان بن بريدة وليس هو عبد الله يظهر هذا من صحيح مسلم (1/428) وسسن النسائي (1/258) وصحيح ابن خزيمة (1/166) .
(¬2) العلل الكبير للترمذي (1/202-203) .
(¬3) رأيت البخاري حكم على عدد من الأحاديث التي أخرجها في صحيحه بنفس السند بأنها حسنة، انظر مثال ذلك: العلل الكبير (1/257) ، وقارنه بصحيح البخاري (8/431 [4819] ) .
(¬4) تهذيب التهذيب (4/174) ، وتقريب التهذيب (ص250) .
(¬5) تهذيب التهذيب (1/433) ، وتقريب التهذيب (ص121) .

الصفحة 143