كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

فالظن الغالب أن يكون سليمان قد سمع من أبيه لاسيما وقد أدرك من حياته عمرًا طويلاً، ويبعد جدًا أن يكون الابن يمكث في الحياة أكثر من أربعين سنة ولا يرى أباه ويجتمع به هذا بعيد الحدوث جدًا، ولو وقع ذلك أو حدث لبين علماء الحديث ورواته هذا الأمر ولاشتهر لاسيما وأن أحاديث سليمان عن أبيه ليست قليلة وهي مشهورة ومتداولة بكثرة بين رواة الحديث ونقاده (¬1) .
2- ... إن الحديث له شواهد عديدة تدل على أنه صحيح، وأن سليمان بن بريدة لم ينفرد بهذا الحديث.
وحديث سليمان عن أبيه هو أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن مواقيت الصلاة فقال: "اشهد معنا الصلاة" فأمر بلالاً فأذن بغلس (¬2) .. الحديث.
ويشهد له حديث أبي موسى (¬3) ، وحديث جابر (¬4) ، وحديث أبي هريرة (¬5) .
فالإمام البخاري إنما قوى حديث سليمان بن بريدة هذا لما يعضده من شواهد صحيحة وقرائن قوية تدل على أن احتمال السماع أقوى من عدمه.
الحديث الثاني:
قال البخاري: (حديث حمنة بنت جحش في المستحاضة هو حديث حسن إلا أن إبراهيم بن محمد بن طلحة هو قديم، ولا أدري سمع منه عبد الله بن
¬_________
(¬1) ذكر عن إبراهيم الحربي قوله: (عبد الله أم من سليمان ولم يسمعا من أبيهما) كما في تهذيب التهذيب (5/158) ، , لكن لم يذكر دليله على ما يقول وأيضًا لم يتابعه على هذا القول أحد ممن صنف في المراسيل ولا غيرهم، ويعارض هذا أن الإمام مسلم وغيره ممن صنف في الصحيح - ماعدا البخاري - قد أخرجوا أحاديث لسليمان عن أبيه.
(¬2) صحيح مسلم (1/429) ، الترمذي (1/286) ، النسائي (1/258) ، ابن خزيمة (1/166) ، ابن حبان (3/35) ، المنتقى لابن الجارود (ص60) .
(¬3) انظر مسلم (1/429) ، والنسائي (1/260) .
(¬4) انظر سنن الترمذي (1/281) ، وسنن النسائي (1/251) ، وصحيح ابن خزيمة (1/182) ، وصحيح ابن حبان (3/16) ، والحاكم في المستدرك (1/195) .
(¬5) انظر سنن النسائي (1/249) ، وصحيح ابن حبان (3/24) ، والحاكم في المستدرك (1/194) .

الصفحة 144