كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

عبد الله، فمدة الإدراك طويلة، وموانع الالتقاء والاجتماع بين عبد الله وأبيه معدومة، فكونه سمع من أبيه أرجح من عدم سماعه منه (¬1) .
2- أن البخاري لم يعتمد على الحديث الأول أو الثاني في بابهما، فالحديث الأول أورده البخاري في باب "بعث علي وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع" وقد خرج في هذا الباب خمسة أحاديث كان منها حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه، فلم يكن هو عمدته في الباب.
والحديث الثاني أورده في باب "كم غزا النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ " وقد خرج في هذا الباب ثلاثة أحاديث كان منها حديث عبد الله بن بريدة عنه أبيه، فلم يكن هو عمدته في الباب كذلك.
ثم إن هذين الحديثين مما يجوز فيهما التساهل لإخراج البخاري لهما في كتاب المغازي فلا ينبني عليهما كبير أثر في أحكام الشرع.
الحديث الخامس:
قال علي بن المديني في قيس بن أبي حازم: (وروى عن بلال ولم يلقه) (¬2) .
وقد أخرجه البخاري في صحيحه عن قيس أن بلالاً قال لأبي بكر: "إن كنت إنما اشتريتني لنفسك فأمسكني، وإن كنت إنما اشتريتني لله فدعني وعمل الله" (¬3) .
¬_________
(¬1) ينبغي أن أنبه هنا أن الإمام أحمد سئل: سمع عبد الله من أبيه شيئًا؟ قال: "ما أدري. عامة ما يروى عن بريدة عنه، وضعف حديثه"، وقد قال إبراهيم الحربي عن عبد الله وسليمان أنهما "لم يسمعا من أبيهما" انظر تهذيب التهذيب (5/158) ، وقد وقفت على تصريح عبد الله بالسماع من أبيه في مسند أحمد (5/347، 354، 360) ولكن جميعها من طريق الحسين بن واقد عنه والحسين بن واقد مع كونه صدوقًا إلا أن الإمام أحمد قال: "ما أنكر حديث حسين بن واقد وأبي المنيب عن ابن بريدة" انظر العلل لعبد الله بن أحمد (1/115، 239) وقال: "في أحاديثه زيادة ما أدري أي شيء هي ونفض يده" تهذيب التهذيب (2/374) ، لذا لم أطمئن لإثبات سماع عبد الله من أبيه من طريق الحسين بن واقد، وأظن أن هذا رأي البخاري بدليل أنه قال: "عن أبيه" ولم يقل: "سمع أباه".
(¬2) العلل لابن المديني (ص50) .
(¬3) صحيح البخاري (7/125/ [3755] ) ، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب بلال بن رباح رضي الله عنهما.

الصفحة 149