كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

وقد بحثت في مصنفات البخاري فلم أقف له على رأي حول سماع قيس من بلال، ولم أجد ما يثبت لقاء قيس بن أبي حازم لبلال رضي الله عنه، فلماذا صحح البخاري هذا الحديث مع أن الغالب أنه قد اطلع على كلام شيخه؟
يحتمل أن البخاري أخرج الحديث السابق اعتمادًا على ثبوت سماع قيس من أبي بكر (¬1) ، وله نظائر في صحيحه (¬2) على ذلك، ولكن العبارة برمتها لبلال وليس لأبي بكر رضي الله عنه فيها كلمة واحدة.
وأكبر ظني أن الإمام البخاري اعتمد في إخراج الحديث السابق على ما يلي:
1- ... أن احتمال سماع قيس بن أبي حازم من بلال أقوى بكثير من عدمه، فإن قيسًا أدرك الجاهلية وجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبايعه فوجده قد توفي (¬3) . وقد ثبت سماعه من أبي بكر وعمر (¬4) وغيرهما من كبار الصحابة (¬5) ، فدخل المدينة في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه والصحابة بها متوافرون.
وأما بلال رضي الله عنه قد مات سنة سبعة عشر أو ثمانية عشر للهجرة (¬6) ، فاحتمال لقاء قيس لبلال أرجح وأقوى من احتمال عدم لقائهما، ولعل هذا الذي جعل العلائي يرد على ابن المديني بقوله: (في هذا القول نظر فإن قيسًا لم يكن مدلسًا، وقد ورد المدينة عقب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة بها مجتمعون فإذا روى عن أحد الظاهر سماعه منه) (¬7) .
2- ... الحديث في باب المناقب، وقد جوز عدد من أهل الحديث وعلمائه التساهل في هذا الباب فلا ضير على البخاري أنه أورد في المناقب حديثًا مثل
¬_________
(¬1) التاريخ الكبير (7/145) وفيه إثبات سماع قيس من أبي بكر.
(¬2) هدي الساري (ص381، 387، 392، 394، 398) .
(¬3) انظر تاريخ بغداد (12/452) .
(¬4) انظر العلل لابن المديني (ص49) ، التاريخ الكبير للبخاري (7/145) .
(¬5) انظر العلل لابن المديني (ص49 - 50) .
(¬6) انظر تهذيب التهذيب (1/503) .
(¬7) جامع التحصيل (ص257) .

الصفحة 150