كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

ثم عقب الأستاذ عبد الفتاح أبوغدة على ذلك بقوله: (فهذا إسناد فيه عنعنة الثقة غير المدلس عمن لم يثبت لقاؤه له، وإنما يمكن لقاؤه له، فهذا مذهب مسلم، وقد سار عليه البخاري هنا في كتابه وفي ذكره هذه المتابعة) (¬1) .
وهذا الاستنباط غريب جدًا لاسيما وأن الأستاذ أبوغدة ذكره بعد قول الحافظ ابن حجر: (وإنما يتم لمسلم النقض والإلزام لو رأى في صحيح البخاري حديثًا معنعنًا لم يثبت لقي راويه لشيخه فيه) (¬2) مشعرًا بصنيعه أنه قد رأى في صحيح البخاري ذلك.
والحقيقة أن ما قاله الأستاذ أبوغدة محل نظر لما يلي:
1- لم يسند البخاري حديث معمر السابق وإنما ذكره تعليقًا ونوه إلى أنه ذكره متابعة فهو لم يدخله في صلب الصحيح حتى يقال أن البخاري احتج به، ولو فعل ذلك لاستقام للأستاذ قوله، ولكن البخاري ذكر حديث معمر متابعة، وباب المتابعات كما ذكرت فيه تقدم يجوز فيه إيراد ما ليس بصحيح من الأسانيد. قهل يصح أن نحكم على مذهب البخاري في الحديث المعنعن بما يخرجه في المتابعات؟ ‍‍!.
2- أن المحفوظ عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة هو ذكر جعفر بن عمرو بن أمية بين أبي سلمة وعمرو بن أمية، هكذا روى أربعة من الثقات هذا الحديث عن يحيى وهم شيبان (¬3) والأوزاعي (¬4) وحرب بن شداد (¬5) وأبان بن يزيد
¬_________
(¬1) الموقظة (ص124) .
(¬2) النكت على كتاب ابن الصلاح للحافظ ابن حجر (2/598) وقصد ابن حجر في صلب الصحيح أي ما أخرجه البخاري في الأصول لا في الشواهد والمتابعات التي هي مظنة الأحاديث المتكلم فيها.
(¬3) النكت على كتاب ابن الصلاح للحافظ ابن حجر (2/598) وقصد ابن حجر في صلب الصحيح أي ما أخرجه البخاري في الأصول لا في الشواهد والمتابعات التي هي مظنة الأحاديث المتكلم فيها.
(¬4) صحيح البخاري (1/368-369/ [204، 205] ) ، كتاب الوضوء، باب المسح على الخفين.
(¬5) سنن النسائي (1/81) .

الصفحة 155