كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

العطار (¬1) والبخاري في صحيحه أخرج الحديث من طريق شيبان والأوزاعي فدل صنيعه أنه احتج بالحديث المتصل الذي فيه ذكر جعفر بن عمرو، فهل من العدل أن نهمل ما أخرجه في الأصول ونحتج عليه بما ذكره للمتابعة؟!
3- ورد في بعض الطرق التصريح بسماع أبي سلمة من عمرو بن أمية الضمري فقد قال الحافظ ابن حجر:
(وجزم ابن حزم (¬2) بأن أبا سلمة هذا الحديث من جعفر بن عمرو عن أبيه، ومن أبيه أيضًا، واستند في ذلك إلى ما أخرجه من طريق مبشر بن إسماعيل عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة حدثني عمرو) (¬3) .
أليس من الممكن أن يكون الإمام البخاري اطلع على هذا ورجح سماع أبي سلمة من عمرو بن أمية؟
فيكون لقاء أبي سلمة لعمرو ليس محتملاًٍ وإنما متحققًا، وبهذا يعلم أن مقولة إن البخاري سار على مذهب مسلم في هذا الحديث مقولة باطلة، وحجتها واهية.
وفي ختام هذا الفصل يجدر بي أن ألفت الأنظار إلى حقيقتين بالغتي الأهمية:
الأولى: الأصل عند الإمام البخاري هو اشتراط اللقاء في السند المعنعن، وهذا هو الذي مشى عليه فيما صححه وقواه من أحاديث سواء في صحيحه أو خارجه، ولكن ثبت لنا أن البخاري - وإن كان ذلك نادرًا - قد قوى بعض الأحاديث مما لم يثبت فيها اللقاء إذا اجتمع فيها أمران:
1- أن يكون احتمال اللقاء قويًا وظاهرًا مع السلامة مما يمنع اللقاء، وقد مر معنا في الأحاديث السابقة كيف أن احتمال اللقاء كان قويًا جدًا بدرجة ظاهرة تجعل التوقف في شأن اللقاء أمر مستبعد وغير وجيه.
2- انتفاء التفرد بوجود عدد من الشواهد، أو يكون الحديث متعلقًا بباب
¬_________
(¬1) مسند أحمد (4/179) .
(¬2) المحلي لابن حزم (2/81-82) .
(¬3) تغليق التعليق (2/136-137) .

الصفحة 156