كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

الحافظ ابن حجر ينص على أن شريحاً لم يدرك أبا مالك الأشعري.
كذلك حكم على حديث يرويه محمد بن المنكدر عن خزيمة بن ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (إسناد حسن) (¬1) .
وخزيمة بن ثابت رضي الله عنه مات سنة 37هـ، ومحمد بن المنكدر ولد قبل سنة 60هـ بقليل.
وحكم الشيخ أحمد شاكر على حديث يرويه عطاء بن فروخ عن عثمان بن عفان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله (إسناد صحيح. عطاء فروخ: ثقة، وليس له في الكتب الستة غير هذا الحديث، ولكن نقل الحافظ في التهذيب عن العلل لعلي بن المديني أنه لم يلق عثمان، ولم أجد ما يؤيد هذا؟) (¬2) .
وفي مسند البزار قول البزار: (وعطاء بن فروخ رجل من أهل البصرة حدث عنه يونس بن عبيد وعلي بن زيد، ولا نعلمه سمع من عثمان) (¬3) وفي هذا تأييد لكلام ابن المديني ولم أعثر في ترجمة عطاء بن فروخ ما يدل على معاصرته لعثمان بن عفان.
فهذه الأمثلة وغيرها كثير جعلتني أتساءل هل فَهمُ مذهب مسلم لدى بعض كبار أساتذة علم الحديث في عصرنا صواب أم يحتاج إلى إعادة نظر؟ لا سيما وأن هناك عدد من القضايا التي ذكرتها في مشكلات البحث تحت البند رقم (5) لا تجد عند أكثر المعاصرين بياناً واضحاً لموقفهم منها مما جعل البحث في هذا الموضوع من الأهمية بمكان في نظري.
5 ـ ومما حفزني إلى هذا البحث أن موضوعه من ضمن الموضوعات التي كنت شديد التعلق والاهتمام بها من قبل التحاقي بالدراسات العليا حتى أنني لما عزمتُ على اختياره وبدأت أكتب خطة البحث وجدُ عناوين الفصول تنثال على ذهني انثيالاً كأنها نقشت في نفسي من زمن.
¬_________
(¬1) السلسلة الصحيحة (5/408) .
(¬2) مسند الإمام أحمد بتحقيق: أحمد شاكر (1/335) .
(¬3) مسند البزار (2/48) .

الصفحة 16