كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

وصمة التدليس، ومثل هذا غير موجود فيما إذا لم يعلم تلاقيهما) (¬1) .
وقال ابن حجر: (والحامل للبخاري على اشتراط ذلك تجويز أهل ذلك العصر للإرسال، فلو لم يكن مدلسًا، وحدث عن بعض من عاصره لم يدل ذلك على أنه سمع منه، لأنه وإن كان غير مدلس، فقد يحتمل أن يكون أرسل عنه لشيوع الإرسال بينهم، فاشترط أن يثبت أنه لقيه وسمع منه ليحمل ما يرويه عنه بالعنعنة على السماع، لأنه لو لم يحمل على السماع لكان مدلسًا، والغرض السلامة من التدليس) (¬2) .
وزاد السخاوي على كلام شيخه ابن حجر بقوله: (ويؤيده قول أبي حاتم (¬3) في ترجمة أبي قلابة الجرمي أنه روى عن جماعة لم يسمع منهم، لكنه عاصرهم كأبي زيد عمرو بن أخطب، وقال في ذلك أنه "لا يعرف له تدليس"، ولذا قال شيخنا عقب حكايته في ترجمة أبي قلابة من تهذيبه (¬4) : "إن هذا مما يقوي من ذهب إلى اشتراط اللقاء غير مكتف بالمعاصرة) (¬5) .
خامسًا: أن القول باشتراط اللقاء هو مذهب كبار أئمة النقد أمثال شعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان وعلي بن المديني وغيرهم (¬6) ، بل قيل هذا محل إجماع.
قال علي بن المديني: (سمعت يحيى بن سعيد يقول: كلما حدث به شعبة
¬_________
(¬1) صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح (ص129) .
(¬2) النكت على كتاب ابن الصلاح (2/596) .
(¬3) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (5/58) .
(¬4) تهذيب التهذيب (5/226) .
(¬5) فتح المغيث (1/166) .
(¬6) يراجع الباب الأول، الفصل الرابع "الجذور التاريخية للمسألة"، فقد نقلت نصوصًا مهمة عن شعبة ويحيى بن سعيد تثبت أنهما يذهبان إلى اشتراط السماع في السند المعنعن.

الصفحة 162