كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

5 ـ الدراسات السابقة:
لم يبحث هذا الموضوع ـ في حدود علمي ـ بحثاً شمولياً يحرر فيه مذهب كل إمام على حدة ويجلى فيه مواطن الاتفاق والاختلاف بين المذهبين، فبقيت مسائل عدة من هذا الموضوع محل إشكال وغموض.
وقد تناول عدد من العلماء مسألة " السند المعنعن هل يشترط لاتصاله ثبوت السماع أم تكفي المعاصرة؟ " بالبحث الجزئي حيناً، وحيناً باقتضاب.
فقد كتب الإمام ابن رشيد (¬1) الفهري رسالة سماها: " السنن الأبين في المحاكمة بين الإمامين البخاري ومسلم في السند المعنعن" وقد طبعت محققة في تونس، ومضمون هذا الكتاب هو رد على أدلة الإمام مسلم وانتصار لمذهب البخاري، وفي رده في بعض المواضع إجمال، كما أنه ترك قضايا عدة في هذه المسألة لم يعرج عليها مما جعل فائدة الكتاب مقصورة على مناقشة أدلة الإمام مسلم.
وكذلك كتب الإمام العلائي (¬2)
في كتابه "جامع التحصيل في أحكام
¬_________
(¬1) ابن رُشيد هو محمد بن عمر بن محمد بن إدريس ابن رُشيد أبو عبد الله الفهري السبتي المحدث الحافظ ولد في جمادي الأولى سنة 657هـ برع في عدة فنون وبالأخص ففي علم الحديث، ورحل في طلب العلم إلى بلاد كثيرة وصنَّف مصنفات عديدة منها "ملء العيبة" المسماة بالرحلة المشرقية، "وكتاب ترجمان التراجم على أبواب البخاري" وكتاب "إيضاح المذاهب فيمن يطلق عليه اسم الصاحب" وكان ورعاً مقتصداً منقبضاً على الناس ذا هيبة ووقار، وذكر عنه أنه كان على مذهب أهل الحديث في باب الصفات الإلهية يمرها ولا يتأول، وكانت وفاته في أواخر المحرم سنة 721هـ بفاس. رحمه الله.
انظر ترجمته في الدرر الكامنة (4/111 ـ 113) وذيل طبقات الحفاظ للسيوطي (ص 355) وشجرة النور الزكية (ص216 ـ 217) .
(¬2) العلائي هو صلاح الدين خليل بن سيف الدين كيكلدي بن عبد الله العلائي الحافظ الفقيه على مذهب الشافعي، ولد سنة 694هـ بدمشق. طلب العلم ورحل في سبيل ذلك وله عناية كبيرة بعلم الحديث وبالفقه، وقد صنَّف كتباً كثثيرة جداً سائرة ومشهورة منها "المجموع المذهب في قواعد المذهب" و "تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد " وقد كانت وفاته سنة 671هـ ببيت المقدس. رحمه الله.

انظر ترجمته، في ذيل تذكرة الحفاظ للحسيني (ص43 ـ 47) والدرر الكامنة (2/90) وشذرات الذهب (6/190) .

الصفحة 17