كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

ولا ريب أن اختلاف عبارات البخاري النقدية في هذه المسألة لا يعد اختلاف تضاد وتناقض بل من قبيل اختلاف التنوع والعبارة لأن المعنى في كل تلك العبارات واحد لا يختلف من عبارة إلى أخرى.
سادسًا: أحيانًا يعطف نقده للسماع على ألفاظ نقدية أخرى:
في بعض الأحيان نرى الإمام البخاري ينتقد سماع بعض الرواة في إحدى الأسانيد ويضيف إلى ذلك علة أخرى في السند كالجهالة أو النكارة أو غير ذلك من ألفاظ نقدية.
وقد وجدت في حصر تلك الألفاظ أهمية بالغة إذ تساعدنا على فهم منهج البخاري في هذه المسألة وأنه استخدم مسألة اشتراط اللقاء السند المعنعن لتأكيد ضعف السند أو لتعضيد علة أخرى وذلك في بعض الأحيان.
وهذه الألفاظ النقدية هي:
1- التدليس: ورد في كلام للبخاري على سند يرويه سعيد بن أبي عروبة عن الأعمش فقال فيه: (ولا أعرف لسعيد بن أبي عروبة سماعًا من الأعمش وهو يدلس ويروي عنه) (¬1) .
2- الاضطراب: قال البخاري: (وحديث الحكم هذا عن مقسم مضطرب لما وصفنا ولا ندري الحكم سمع هذا من مقسم أم لا؟) (¬2) .
3- الجهالة: قال البخاري: (وأبومعان لا يعرف له سماع من ابن سيرين وهو مجهول) (¬3) وقال في حديث مصارعة ركانة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إسناده مجهول لا يعرف سماع بعضهم من بعض) (¬4) .
¬_________
(¬1) العلل الكبير للترمذي (2/877) .
(¬2) التاريخ الصغير (1/331) . وقد ذكر في التاريخ الصغير أحاديث تدل على أن حديث الحكم عن مقسم مخالف للصحيح.
(¬3) التاريخ الكبير (2/170) .
(¬4) التاريخ الكبير (1/82) . وقد ورد لفظ الجهالة وما يشابهه في نقد البخاري لسماعات بعض الرواة في المواضع الآتية: التاريخ الكبير (3/197) ، والصغير (1/250) ، وجزء القراءة (ص13) .

الصفحة 174