كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

يزيد على الألف شيخ. فلقد قال رحمه الله: (كتبت عن ألفِ شيخ أو أكثر) (¬1) .
ومع ذلك فقد كان يتحرى في شيوخه أن يجتمع فيهم صحة المعتقد، والاتقان في طلب الحديث، كما قال: (كتبت عن ألف وثمانين نفساً، ليس فيهم إلا صاحب حديث) (¬2) وقال: (لم أكتب إلا عمن قال: الإيمان قول وعمل) (¬3) .
وشيوخ البخاري ينحصرون في خمس طبقات كما ذكر الحافظ ابن حجر:
الطبقة الأولى: من حدثه عن التابعين مثل محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثه عن حميد، ومثل مكي بن إبراهيم حدثه عن يزيد بن أبي عبيد، ومثل أبي نعيم حدثه عن الأعمش، ومثل خلاد بن يحيى حدثه عن عيسى بن طهمان، ومثل علي بن عياش وعصام بن خالد حدثاه عن حريز بن عثمان، وشيوخ هؤلاء كلهم من التابعين.
الطبقة الثانية: من كان في عصر هؤلاء لكن لم يسمع من ثقات التابعين، كآدم بن أبي إياس، وأبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر، وسعيد بن أبي مريم، وأيوب بن سليمان بن بلال، وأمثالهم.
الطبقة الثالثة: هي الوسطى من مشايخه وهم: من لم يلق التابعين بل أخذ عن كبار تبع الأتباع، كسليمان بن حرب، وقتيبة بن سعيد، ونعيم بن حماد، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة، وأمثال هؤلاء. وهذه الطبقة قد شاركه مسلم في الأخذ عنهم.
الطبقة الرابعة: رفقاءه في الطلب، ومن سمع قبله قليلاً كمحمد بن يحيى الذهلي، وأبي حاتم الرازي، ومحمد بن عبد الرحمن "صاعقة" وعبد بن حميد، وأحمد بن النضر، وجماعة من نظرائهم، وإنما يخرج عن هؤلاء مافاته عن مشايخه أو مالم يجده عند غيرهم.
الطبقة الخامسة: قوم في عداد طلبته في السن والإسناد. سمع منهم الفائدة، كعبد الله بن حماد الآملي، وعبد الله بن أبي العاص الخوارزمي، وحسين بن محمد
¬_________
(¬1) تاريخ بغداد (2/10) .
(¬2) تغليق التعليق لابن حجر (5/389) .
(¬3) هدي الساري (ص503) وتقسيم شيوخ البخاري إلى خمس طبقات ذكره الذهبي قبل الحافظ ابن حجر في كتابه سير أعلام النبلاء (12/395 ـ 396) وإنما سقت كلام ابن حجر لأنه أوفى.

الصفحة 30