كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين
يسمع منه شيئًا، فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا، فالرواية على السماع أبدًا، حتى تكون الدلالة التي بينا) (¬1) .
ولم يبين مسلم - رحمه الله - الدلالة البينة على عدم السماع، ولكنها واضحة لمن تأمل كلام الأئمة، واعتنى بأقوال أئمة النقد والتعليل.
ويعرف عدم سماع الراوي عمن روى عنه بالطرق التالية:
أولاً: ورود نص بعدم السماع.
ثانيًا: ورود ما ينفي السماع تاريخيًا.
ثالثًا: أن يذكر الراوي صيغة أداء تدل على نفي السماع.
رابعًا: إدخال واسطة بين المعنعن والمعنعن عنه في بعض الطرق (¬2) .
أولاً: ورود النص بعدم السماع:
من الدلائل المبينة على عدم السماع، ورود نص بلفظ صريح يتضمن نفي السماع أو اللقاء، وتتم معرفة ذلك بأحد أمرين:
الأمر الأول: أن ينص الراوي بأنه لم يسمع من ذلك الشيخ.
مثال ذلك الحجاج بن أرطاة قال لهشيم: (سمعت من الزهري؟ قال: نعم فقال: لكني لم أسمع منه شيئًا) (¬3) .
وسئل سعيد بن عامر الضبعي هل سمع ن يونس بن عبيد؟ فقال: (لا، ولكن أخبرني عنه رجل) (¬4) .
وسأل عمرو بن مرة أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود: (تحفظ عن أبيك شيئًا؟ قال: لا) (¬5) .
الأمر الثاني: أن ينص إمام أو أكثر من ذوي الاطلاع على عدم سماع الراوي من ذلك الشيخ.
¬_________
(¬1) مقدمة صحيح مسلم (1/30) .
(¬2) هذه الأمور الأربعة نص عليها ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإبهام (1/88/ب) .
(¬3) المراسيل لابن أبي حاتم (ص45) .
(¬4) المعرفة والتاريخ (2/32) .
(¬5) تاريخ ابن معين برواية الدوري (2/288) .