كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

عثمان بن عروة: (فقال لي عثمان بن عروة: ما يروي هشام بن عروة هذا الحديث إلا عني) (¬1) .
فهذا نص صحيح صريح في أن هشام بن عروة إنما يروي ذلك الحديث عن أخيه عثمان عن أبيه. وهذا تدليس جائز لا يذم فاعله لأنه تدليس عن ثقة (¬2) ، وقد ذكر يعقوب بن شيبة وأبوالفتح الأزدي أن من دلس عن ثقة فهذا مرخص فيه عند بعض أهل العلم (¬3) .

2- ترجيح كبار الحفاظ لرواية هشام عن عثمان. فظاهر صنيع الإمام البخاري ترجيح ذلك فقد أخرج في صحيحه رواية هشام عن عثمان ولم يخرج رواية هشام عن أبيه (¬4) ، وكذلك الإمام مسلم (¬5) .
وقال الدارقطني: (لم يسمعه هشام عن أبيه إنما سمعه من أخيه عن أبيه) (¬6) .
والحديث محفوظ عن عروة من غير طريق هشام وعثمان. وهو محفوظ أيضًا عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من طرق عدة (¬7) .
الحديث الثاني: قال مسلم: (وروى هشام عن أبيه عن عائشة قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتكف يدني إلى رأسه فأرجله وأنا حائض".
فرواها بعينها مالك بن أنس عن الزهري عن عروة عن عمرة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) (¬8) .
قال ابن رشيد منتقدًا مسلمًا: (وهذا أيضًا من ذلك القبيل حكمت فيه أن
¬_________
(¬1) مسند الحميدي (1/106) .
(¬2) عثمان بن عروة ثقة كما في التقريب (ص385) .
(¬3) انظر الكفاية للخطيب (ص400) .
(¬4) انظر صحيح البخاري (1/382/ [5928] ) كتاب اللباس، باب ما يستحب من الطيب.
(¬5) انظر صحيح مسلم (2/847) .
(¬6) فتح الباري (10/283) .
(¬7) انظر صحيح مسلم (2/846-850) .
(¬8) مقدمة صحيح مسلم (1/30) .

الصفحة 376