كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

ومتن هذا الحديث قال عنه الذهبي: (فهذا متواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا اللفظ) (¬1) .
فلا وجه لإيراد مسلم - رحمه الله - لهذا السند لأن نافع بن جبير لم يرو عن أبي شريح إلا حديثًا - كما يدل عليه كلام مسلم -، وهذا الحديث الواحد محفوظ عن أبي شريح الخزاعي برواية سعيد المقبري الذي ثبت سماعه منه، ولم ينفرد نافع بن جبير بزيادة مهمة تجعل لحديثه ميزة على حديث سعيد المقبري.
وقال المعلمي: (أخرج مسلم حديث أبي هريرة: بمثل حديث أبي شريح. ثم أخرج حديث نافع عن أبي شريح، فهو شاهد، مع ثبوته عن أبي شريح من طريق سعيد المقبري سماعًا من أبي شريح) (¬2) .
5- ويدخل فيما سبق قول مسلم: (وأسند سليمان بن يسار عن رافع بن خديج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثًا) (¬3) .
أخرج مسلم في صحيحه حديث سليمان بن يسار عن رافع بن خديج قال: (كنا نحاقل الأرض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى، فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتي فقال: نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان لنا نافعًا، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا، نهانا أن نحافل بالأرض فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى، وأمر رب الأرض أن يزرعها أو يزرعها، وكره كراءها، وما سوى ذلك) (¬4) .
ولم أقف على سماع سليمان بن رافع، ولكن الحديث رواه خلق (¬5) عن رافع بألفاظ مختلفة، وقد احتج البخاري في صحيحه بحديث رافع بن خديج في النهي عن كراء الأرض من طريقين عنه.
¬_________
(¬1) جزء "حق الجار" للذهبي (ص14) .
(¬2) الأحاديث التي استشهد بها مسلم (ل4) .
(¬3) مقدمة صحيح مسلم (1/35) .
(¬4) صحيح مسلم (3/1181) .
(¬5) انظر سنن النسائي (7/33-50) ، والسنن الكبرى للبيهقي (6/128-137) ، ومسند رافع في المعجم الكبير للطبراني (4/240-288) .

الصفحة 399