كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين
فأخرج من طريق الأوزاعي عن أبي النجاشي مولى رافع بن خديج سمعت رافع بن خديج بن رافع عن عمه ظهير بن رافع قال ظهير: (لقد نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان بنا رافقًا. قلت: ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو حق. قال: دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما تصنعون بمحاقكم؟ " قلت: نؤاجرها على الربيع وعلى الأوسق من التمر والشعير. قال: "لا تفعلوا، ازرعوها، أو أزرعوها، أو أمسكوها" قال رافع: قلت سمعًا وطاعة) (¬1) .
وأخرج من طريق حنظلة بن قيس عن رافع بن خديج قال: (حدثني عماي أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ينبت على الأربعاء أو شيء يستثنيه صاحب الأرض، فنهى - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقلت لرافع: فكيف هي بالدينار والدرهم؟ فقال رافع؟: ليس بها بأس بالدينار والدرهم) (¬2) .
وقد أخرج مسلم في "صحيحه" (¬3) هذين الطريقين أيضًا، فمعنى الحديث محفوظ عن رافع بن خديج من غير طريق سليمان بن يسار، فالحكم باتصال حديث سليمان عن رافع أو عدمه لا يغير من صحة حديث رافع شيئًا.
وقد أشار المعلمي إلى أن حديث سليمان محفوظ بقوله: (وأخرج له عدة متابعات وشواهد) (¬4) يعني مسلمًا.
والأسانيد السابقة التي استشهد بها مسلم لا يتم له الاستدلال بها على ما ذكره من تصحيح أهل العلم لها، وعدم توهينها، لأن المخالف له لا يمانع من قبولها كمتابعة لثبوت الأحاديث عنده من طرق أخرى عن نفس الصحابة. ولو احتج بتلك الأسانيد محتج لوسعه ذلك لأنه احتج بأحاديث محفوظة بيقين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا مأخذ عليها إلا احتمال عدم السماع، ويزول هذا الاحتمال
¬_________
(¬1) صحيح البخاري (5/27/ [2339] ) كتاب الحرث والمزارعة، باب ما كان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يواسي بعضهم بعضًا في الزراعة والثمر.
(¬2) صحيح البخاري (5/31/ [2345] ) كتاب الحرث والمزارعة، باب كراء الأرض بالذهب والفضة.
(¬3) انظر صحيح مسلم (3/1183، 1184) .
(¬4) الأحاديث التي استشهد بها مسلم (ل4) .