كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين
صحيحه إلا الأحاديث المرفوعة، لذا سمى كتابه "الجامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". وما فعله البخاري هو الراجح.
4- ومن ذلك أيضًا قول مسلم: (وأسند عبيد بن عمير عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثًا، وعبيد بن عمير ولد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -) (¬1) .
وقد أخرج مسلم حديث عبيد بن عمير قال: قالت أم سلمة: (لما مات أبو سلمة قلت: غريب وفي أرض غربة، لأبكينه بكاء يتحدث عنه، فكنت قد تهيأت للبكاء عليه، إذ أقبلت امرأة من الصعيد تريد أن تسعدني، فاستقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "أتريدين أن تدخلي الشيطان بيتًا أخرجه الله منه؟ " مرتين، فكففت عن البكاء فلم أيك) (¬2) .
ومضمون الحديث النهي عن البكاء الذي يصاحبه نوح على الميت، وهذا المعنى له شواهد صحيحة كثيرة من ذلك ما أخرجه البخاري في "باب ما ينهى من النوح والبكاء، والزجر عن ذلك" عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لما جاء قتل زيد بن حارثة وجعفر وعبد الله بن رواحة جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف فيه الحزن - وأنا أطلع من شق الباب - فأتاه رجل فقال: يا رسول الله إن نساء جعفر - وذكر بكاءهن - فأمره بأن ينهاهن، فذهب الرجل، ثم أتى فقال: قد نهيتهن، وذكر أنهن لم يطعنه، فأمره الثانية أن ينهاهن، فذهب ثم أتى فقال: والله لقد غلبنني فزعمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فاحث في أفواههن التراب) (¬3) .
¬_________
(¬1) مقدمة صحيح مسلم (1/34) .
(¬2) صحيح مسلم (2/635) ، وأخرجه الحميدي في مسنده (1/139) ، وأحمد في المسند (6/289) ، وابن أبي شيبة في المصنف (3/391) ، وأبويعلى في مسنده (12/381، 388) ، والطبراني في المعجم الكبير (23/277) ، والبيهقي في السنن الكبرى (4/63) .
(¬3) صحيح البخاري (3/210/ [1305] ) كتاب الجنائز، باب ما ينهى من النوح والبكاء والزجر عن ذلك.