كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

ولم يخرج مسلم هذين الحديثين في صحيحه. فأما الحديث الأول فرواه ربعي عن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ("لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله - أو قال: - يحبه الله ورسوله فدعا عليًا، وهو أرمد، ففتح الله على يديه) (¬1) .
ولهذا الحديث عدة شواهد من أصحها ما أخرجه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ("لأعطين الراية رجلاً يفتح الله على يديه". قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس قدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: "أين علي بن أبي طالب؟ ". فقالوا: يشتكي عينيه يا رسول الله. قال: "فأرسلوا إليه فأتوني به"، فلما جاء بصق في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن له وجع فأعطاه الراية. فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم) (¬2) .
وأخرج البخاري ومسلم أيضًا عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (كان علي قد تخلف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر وكان به رمد فقال: أنا أتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟!، فخرج علي فلحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأعطين الراية - أو ليأخذن الراية - غدًا رجلاً يحبه الله ورسوله - أو قال: يحب الله ورسوله - يفتح الله عليه"، فإذا نحن بعلي وما نرجوه، فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراية ففتح الله عليه) (¬3) .
¬_________
(¬1) أخرجه النسائي في خصائص علي (ص45) ، والطبراني في معجمه الكبير (18/237، 238) .
(¬2) صحيح البخاري (7/87/ [3701] كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب علي بن أبي طالب، وصحيح مسلم (4/1872) .
(¬3) صحيح البخاري (7/87/ [3702] كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب علي بن أبي طالب، وصحيح مسلم (4/1872) .

الصفحة 411