كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين
فيكون رواه عن حميد بن عبد الرحمن اثنان هما محمد بن المنتشر، وأبوبشر، ورواية أبي بشر وقع فيها خلاف، إذ خالف شعبة بن الحجاج أبا عوانة فروى هذا الحديث عن أبي بشر عن حميد بن عبد الرحمن عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1) ، فأرسل الحديث، ورجح النسائي (¬2) والدارقطني (¬3) رواية شعبة المرسلة.
وأما أبوحاتم الرازي (¬4) ، ومسلم فقد رجحا الرواية الأخرى التي فيها ذكر أبي هريرة، وظاهر صنيع مسلم أنه يرجح ذلك بسبب أن المخالف لشعبة وهو أبوعوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة متقن، ولأن الحديث جاء من غير طريق أبي بشر الذي وقع فيه الخلاف على الاستواء من غير إرسال وذلك في رواية عبد الملك بن عمير التي رواها عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعًا.
ولكن حتى ما رواه عبد الملك بن عمير اختلف عليه فيه فقد روى عبيد الله بن عمر الرقي عن عبد الملك بن عمير عن جندب سفيان البجلي قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ("أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر تدعونه المحرم") (¬5) .
إلا أن أبا زرعة الرازي (¬6) صحح رواية جرير وزائدة السابقة عن
¬_________
(¬1) أخرجه ابن المبارك في الزهد (ص427) ، ومن طريقه النسائي في سننه (3/207) .
(¬2) انظر سنن النسائي (3/207) ، فقد ذكر الحديث مسندًا متصلاً بذكر أبي هريرة ثم ذكر حديث شعبة مرسلاً ثم قال: (أرسله شعبة بن الحجاج) فدل هذا على أنه يرجح الإرسال، ولم يذكر رواية شعبة المرسلة في سننه الكبرى، ومن المعروف أن سننه (الصغرى) أنقى حديثًا من الكبرى لذا ذكر علة الحديث فيها.
(¬3) انظر التتبع (ص15) ، وكتاب بين الإمامين مسلم والدارقطني (ص282-284) ، وانظر كذلك تهذيب سنن أبي داود لابن القيم (3/307) .
(¬4) انظر العلل لابن أبي حاتم (1/254) .
(¬5) أخرجه النسائي في الكبرى (2/171) ، والبيهقي في سنن الكبرى (4/291) ، والخطيب البغدادي في الموضح لأوهام الجمع والتفريق (2/232) .
(¬6) انظر العلل لابن أبي حاتم (1/260) .