كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين
وخاصة في حرصهم على لقاء أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الكلام قد يصح لو قيد بالمعروفين بالعلم وكثرة الرواية، ولا يمكن تعميمه، ومما يدل على نقيض ما قاله المعلمي: أن عمر بن عبد العزيز كان واليًا على المدينة، وأدرك سلمة بن الأكوع، وسهل بن سعد وهما حيين، ولم يسمع منهما (¬1) .
وأدرك الأعمش أنس بن مالك رضي الله عنه ولم يسمع منه، وقال: (رأيت أنسًا وما منعني أن أسمع منه إلا استغنائي بأصحابي) (¬2) .
وقال الذهبي في ترجمة أبي الأشهب جعفر بن حيان: (ولد سنة سبعين، فقد أدرك نيفًا وعشرين سنة من أيام أنس بن مالك، وهو معه بالبصرة، فالعجب كيف لم يسمع منه) (¬3) .
وقال أبوحاتم الرازي: (جماعة بالبصرة قد رأوا أنس بن مالك، ولكن لم يسمعوا منه، منهم قرة بن خالد) (¬4) .
وقال الذهبي في ترجمة هشام بن عروة: (ولقد كان يمكنه السماع من جابر، وسهل بن سعد، وأنس، وسعيد بن المسيب، فما تهيأ له عنهم رواية) (¬5) .
وقال ابن المديني في مسروق: (صلى خلف أبي بكر، ولقي عمر وعليًا، ولم يرو عنهم شيئًا) (¬6) .
أليس في هذه النصوص ما يجعلنا لا نقبل تعميم المعلمي؟!
6- احتمال الاجتماع أيام المواسم في الحرمين يكون احتمالاً قويًا على إمكان السماع في حالة التأكد من أن الراوي والمروي عنه كانا في الحرمين أو أحدهما في تلك السنة بالتحديد، لأن احتمال أن يزور أحدهما الحرمين في سنة ولا يكون الآخر موجودًا احتمال قائم كما قال ابن المديني في الحسن البصري:
¬_________
(¬1) انظر المراسيل لابن أبي حاتم (ص116) .
(¬2) سير أعلام النبلاء (6/246) .
(¬3) سير أعلام النبلاء (7/287) .
(¬4) المراسيل لابن أبي حاتم (ص143) .
(¬5) سير أعلام النبلاء (6/35) .
(¬6) العلل لابن المديني (ص61) .