كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين
ولطاووس عن عائشة في صحيح مسلم حديثان الأول منهما أنها قالت: (لم يدع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الركعتين بعد العصر. قال فقالت عائشة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتحروا طلوع الشمس ولا غروبها فتصلوا عند ذلك") (¬1) .
وقد ساق مسلم طرقًا كثيرة للحديث عن عائشة بألفاظ مختلفة تدل على أنه محفوظ عنها (¬2) ، ويشهد له حديث أبي عمرو الذي أخرجه مسلم في صحيحه (¬3) أيضًا.
وأما الحديث الثاني لطاووس عن عائشة في صحيح مسلم فهو أنها رضي الله عنها: (أهلت بعمرة فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت فنسكت المناسك كلها وقد أهلت بالحج فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النفر: "يسعك طوافك لحجك وعمرتك" فأبت فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج) (¬4) .
وهذا الحديث له شواهد كثيرة، وهو مستفيض عن عائشة، وقد ذكر مسلم - رحمه الله - طرقًا كثيرة له في صحيحه (¬5) .
فالحديثان اللذان أخرجهما مسلم لطاووس عن عائشة رضي الله عنها لم ينفرد طاووس بروايتهما عن عائشة فله متابعات عدة في كل حديث منها.
5- قال العلائي في ترجمة عائذ الله بن عبد الله أبي إدريس الخولاني: (وروايته عن أبي ذر في صحيح مسلم وكأن ذلك على قاعدته) (¬6) .
والحديث أخرجه مسلم عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ... الحديث) (¬7) . ولم يصرح أبو إدريس بالسماع من أبي ذر عند مسلم، إلا
¬_________
(¬1) صحيح مسلم (1/571) .
(¬2) انظر صحيح مسلم (1/571-573) .
(¬3) انظر صحيح مسلم (1/567) .
(¬4) صحيح مسلم (2/879) .
(¬5) انظر صحيح مسلم (2/870-882) .
(¬6) جامع التحصيل (ص205) .
(¬7) صحيح مسلم (4/1994) .