كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

قال: (توضأ عثمان بن عفان يومًا وضوءًا حسنًا ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: "من توضأ هكذا ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة غفر له ما خلا من ذنبه") (¬1) .
وهذا الحديث محفوظ عن حمران عن عثمان رضي الله عنه (¬2) ، وأقرب المتابعات شبهًا بحديث بكير عن حمران ما رواه معاذ بن عبد الرحمن - وهو ممن ثبت سماعه من حمران (¬3) - عن حمران بن أبان عن عثمان مرفوعًا: "من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء في مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد غفر الله له ذنوبه" (¬4) .
وقد أخرج مسلم حديث معاذ بن عبد الرحمن بعد أن أخرج حديث بكير بن الأشج، فأمن بهذا أن يكون في حديث بكير عن حمران خلل لعدم ثبوت سماعه منه، ولأن مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه (¬5) ، فاحتاط مسلم - رحمه الله - لذلك وأتبع حديث بكير عن حمران، بمتابعة قوية.
ثانيًا: ذكر البخاري زيد بن أسلم فيمن روى عن حمران بن أبان ولم يذكر سماعًا (¬6) .
وقد أخرج مسلم من طريق الدراوردي عن زيد بن أسلم عن حمران مولى عثمان قال: (أتيت عثمان بن عفان بوضوء فتوضأ ثم قال: إن ناسًا يتحدثون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث لا أدري ما هي؟ إلا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مثل
¬_________
(¬1) صحيح مسلم (1/208) .
(¬2) انظر صحيح مسلم (1/205-208) .
(¬3) انظر التاريخ الكبير (3/80) .
(¬4) صحيح مسلم (1/208) .
(¬5) انظر تهذيب التهذيب (10/70-71) ، وجامع التحصيل (ص275) فقد قال العلائي في ترجمة مخرمة: (أخرج له مسلم عن أبيه عدة أحاديث وكأنه رأى الوجادة سببا للاتصال، وقد انتقد ذلك عليه) .
(¬6) انظر التاريخ الكبير (3/80) .

الصفحة 450