كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

الحديث العاشر: في تحريم اللعب بالنردشير (¬1) .
ومن العجائب أن سليمان بن بريدة الذي أدرك من حياة أبيه رضي الله عنه ثمانيًا وأربعين سنة لم يأت عنه ما يثبت سماعه من أبيه، مما دعى الإمام البخاري أن يقول مقولته السابقة، وكذلك أن يجزم إبراهيم الحربي بأن سليمان لم يسمع من أبيه (¬2) .
ومن المستبعد جدًا أن لا يكون قد سمع من أبيه، لما يلي:
1- أن سليمان أدرك أباه مدة طويلة من الزمن، ويستبعد جدًا أن يمكث الابن هذا العمر الطويل لا يرى والده ولا يلتقي به ولو مرة واحدة!!
2- لو كان سليمان لم يسمع من أبيه، مع إدراكه له تلك المدة الطويلة، لاشتهر ذلك عند النقاد، وذكره أئمة الحديث.
3- لم أجد - بعد البحث - أن سليمان يدخل بينه وبين أبيه واسطة أو عبارة تدل على عدم السماع كمثل "بلغني"، "أو حدثت" ... الخ، ومن المستبعد أن يروي الرجل عن آخر لم يسمع منه عددًا من الأحاديث، ولا يجيء ما يدل على عدم سماعه منه لاسيما مع اختلاف الرواة عنه.

4- وثق أهل العلم سليمان بن بريدة مع أن معظم روايته عن أبيه (¬3) ، فدل هذا على احتجاجهم بروايته عن أبيه.
فقد قال ابن عيينة: (حديث سليمان بن بريدة أحب إليهم من حديث عبد الله بن بريدة) (¬4) .
¬_________
(¬1) انظر صحيح مسلم (4/1770) .
(¬2) انظر تهذيب التهذيب (5/158) .
(¬3) انظر تهذيب الكمال (1/532) ، فقد روى حديثًا واحدًا عن عائشة في مسند أحمد (6/258) ، وعمل اليوم والليلة للنسائي (ص500) وحديثًا واحدًا عن يحيى بن يعمر في سنن أبي داود، وذكر المزي أنه يروي عن عمران بن حصين ولم أجد ذلك في مسند أحمد، ولا في المعجم الكبير للطبراني في مسند عمران رضي الله عنه - وقد أطال الطبراني في ذكر مرويات من حدث عن عمران -.
(¬4) الجرح والتعديل (4/102) .

الصفحة 453