كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

(اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن دية جنينها غرة بعد وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها وورثها ولدها ومن معهم، فقال حمل بن النابغة الهذلي: يا رسول الله كيف أغرم من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل؟ فمثل ذلك يطل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما هذا من إخوان الكهان" من أجل سجعه الذي سجع) (¬1) .
وبهذا يظهر أن مسلمًا لم يعتمد على حديث عبيد عن المغيرة بل أخرج في الباب ما يدل على أن الحديث محفوظ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير تلك الطريق التي تكلم البخاري فيها.
سادسًا: ذكر البخاري محمد بن المنكدر فيمن روى عن حمران بن أبان ولم يذكر سماعًا (¬2) .
وقد أخرج مسلم حديث محمد بن المنكدر عن حمران عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظفاره" (¬3) .
وهذا الحديث - يظهر لي - أن مسلمًا أخرجه شاهدًا للحديث الذي قبله في الباب وهو حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: (إذا توضأ العبد المسلم (أو المؤمن) فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء (أو مع آخر قطر الماء) فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء (أو مع آخر قطر الماء) فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء (أو مع آخر قطر الماء) حتى يخرج نقيًا من الذنوب) (¬4) .
¬_________
(¬1) صحيح البخاري (12/263/ [6910] ) كتاب الديات، باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد، وصحيح مسلم (3/309) .
(¬2) انظر التاريخ الكبير (3/80) .
(¬3) صحيح مسلم (1/216) .
(¬4) صحيح مسلم (1/215) .

الصفحة 459