كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

وينبغي أن يلاحظ هنا أن الحاكم يقبل معنعن قتادة فقد قال: (من المدلسين من دلس عن الثقات الذين هم في الثقة مثل المحدث أو فوقه أو دونه إلا أنهم لم يخرجوا من عداد الذين يقبل أخبارهم؛ فمنهم من التابعين: أبوسفيان طلحة بن نافع وقتادة بن دعامة وغيرهما) (¬1) .
2- ابن حزم الظاهري. قال: (وإذا علمنا أن الراوي العدل قد أدرك من روى عنه من العدول فهو على اللقاء والسماع، لأن شرط العدل القبول، والقبول يضاد تكذيبه في أن يسند إلى غيره ما لم يسمعه منه، إلا أن يقوم دليل على ذلك من فعله، وسواء قال: "حدثنا" أو "أنبأنا" ولو علمنا أن أحدًا منهم يستجيز التلبيس بذلك كان ساقط العدالة في حكم المدلس) (¬2) .
وظاهر كلام ابن حزم أنه مؤيد لمذهب مسلم في الحديث المعنعن، ويؤكد ذلك أنه قال في رواية مسروق عن معاذ بن جبل أن مسروقًا لم يلق معاذًا (¬3) ، ولكنه تراجع عن ذلك وقال: (ثم استدركنا، فوجدنا حديث مسروق إنما ذكر فيه فعل معاذ باليمن في زكاة البقر، وهو بلاشك قد أدرك معاذًا، وشهد حكمه وعمله المشهور المنتشر، فصار نقله لذلك ولأنه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نقلاً عن الكافة عن معاذ بلاشك، فوجب القول به) (¬4) .
4- ابن القطان الفاسي. ظاهر عمله أنه مؤيد لمذهب مسلم فقد انتقد ابن عبد الحق لأنه حكم على حديث مسروق عن معاذ بأنه منقطع، وقال: (ولم أقل بعد أن مسروقًا سمع من معاذ، وإنما أقول أنه يجب على أصولهم أن يحكم لحديثه عن معاذ بحكم حديث المتعاصرين اللذين لم يعلم انتفاء اللقاء بينهما فإن الحكم
¬_________
(¬1) معرفة علوم الحديث (ص103) .
(¬2) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (1/151) .
(¬3) المحلى (6/11) .
(¬4) المحلى (6/16) .

الصفحة 465