كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أبا واقد الليثي: ماذا كان يقرأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأضحى والفطر (¬1) .. الحديث.
قال: قال قوم: هذا منقطع، لأن عبيد الله لم يلق عمر بن الخطاب ري الله عنه، وقال قولم: بل هو متصل، لأن عبيد الله لقي أبا واقد.
قلت: وهذا وإن كنا لا نسلمه لأبي عمر، فإنه يخدش في نقل الاتفاق) (¬2) .
ومع التسليم بأن نقل اتفاق أهل النقل على هذا المذهب فيه نظر كما قرر الحافظ ابن حجر، إلا أن هذا المذهب هو الذي اختاره أحمد بن حنبل، وغيره من كبار الحفاظ، كأبي زرعة، وأبي حاتم، والدارقطني، وغيرهم من الأئمة (¬3) ، وذهب كبار المحققين إلى ترجيح هذا المذهب واختياره، كالعراقي، وابن رجب، وابن حجر.
والذي يُفهم من كلام العراقي، وابن رجب، أن هذا المذهب الثالث هو عين المذهب الأول والثاني، فلا يكون في الصيغة "أن" أي خلاف، فقد قال العراقي: (فما فعله أحمد ويعقوب بن أبي شيبة صواب سواء ليس مخالفاً لقول مالك، ولا لقول غيره، وليس في ذلك خلاف بين أهل النقل) (¬4) .
وقال ابن رجب: (وأما إذا روى الزهري مثلاً عن سعيد بن المسيب ثم قال مرة إن سعيد بن المسيب قال: فهذا محمول على الرواية عنه دون انقطاع، ولعل هذا هو مراد مالك الذي حكاه أحمد عنه، ولم يخالفه) (¬5) .
وقد تعقب ابنُ رجب ابن عبد البر في نقله لكلام البرديجي الذي يمثل المذهب الثاني في المسألة، فقال: (ولم يذكر لفظ البرديجي، فلعله قال ذلك
¬_________
(¬1) أخرجه مالك في الموطأ (1/180 [8] ) ومن طريق مالك أخرجه مسلم في صحيحه (2/607) .
(¬2) النكت على كتاب ابن الصلاح (2/592) .
(¬3) شرح علل الترمذي (1/381) .
(¬4) التقييد والإيضاح (ص8) .
(¬5) شرح علل الترمذي (1/380) .

الصفحة 59