كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

وهذا هو مراد الحاكم إذا أطلق هذه العبارات (¬1) ، وهو اختيار ابن الصلاح (¬2) والنووي (¬3) وابن دقيق العيد (¬4) والذهبي (¬5) وابن حجر (¬6) وغيرهم.
وقد قيّد غير واحد من المحققين ما سبق بأنه لا يصح إطلاق الحكم على حديث بأنه على شرط الشيخين، أو على شرط أحدهما إلا في حالة كون ذلك السند قد أُخرج عندهما بصورة الاجتماع، فأما إن كانا أخرجا لرجاله بصورة الانفراد فلا يكون على شرطهما.
قال ابن الصلاح: (من حكم لشخص بمجرد رواية مسلم عنه في صحيحه بأنه من شرط الصحيح عند مسلم، فقد غفل وأخطأ، بل ذلك يتوقف على النظر في أنه كيف روى عنه، وعلى أي وجه روى عنه) (¬7) .
وقال ابن حجر: (فعلى من يعزو إلى شرطهما، أو شرط واحد منهما، أن يسوق ذلك السند بنسق رواية من نسب إلى شرطه، ولو في موضعٍ من كتابه) (¬8) .
وقال أيضاً: (لا يكون الحديث على شرطهما إلا إذا احتجا برواته على صورة الاجتماع، فإذا كان الإسناد قد احتج كل واحد منهما برجل منه، ولم يحتج بآخر منه كالحديث الذي يروى عن طريق شعبة مثلاً عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ فإن مسلماً احتج بحديث سماك إذا كان من رواية الثقات عنه، ولم يحتج بعكرمة، واحتج البخاري بعكرمة دون
¬_________
(¬1) انظر النكت على كتاب ابن الصلاح (1/320) .
(¬2) صيانة صحيح مسلم (ص72-73) .
(¬3) إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خبر الخلائق (1/124) وتدريب الراوي (1/127) .
(¬4) التقيد والإيضاح (ص29-30) .
(¬5) نزهة النظر (ص31 ـ 32) والنكت على كتاب ابن الصلاح (1/320-321) ، وتدريب الراوي (1-128) .
(¬6) صيانة صحيح مسلم (ص99) وتدريب الراوي (1/129) .
(¬7) تدريب الراوي (1/129) .
(¬8) أبو الفتح القشيري هو ابن دقيق العيد، واسمه محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري

الصفحة 74