كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

أبي زياد، لا ادري سمع من ابن عمر أم لا؟) (¬1) .
وقال في ترجمة عبد الله بن سراقة: (عبد الله بن سراقة عن أبي عبيدة بن الجراح قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لم يكن نبي بعد نوح إلا أنذر الدجال قومه"، قال موسى عن حماد بن سلمة عن خالد بن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن سراقة، لا يعرف له سماع من أبي عبيدة) (¬2) .
والمثالان السابقان خير شاهد على عناية البخاري واهتمامه البالغ بهذه المسألة في مصنفاته المتعلقة بعلم الرجال، وأنه حريص على إظهار مذهبه فيما يعلله من أحادي ثلم يتوفر في أسانيدهم ثبوت اللقاء بين رواتها، وقد قال ابن حجر: (فقد أكثر من تعليل الأحاديث في تاريخه بمجرد ذلك) (¬3) .
5- في بعض التراجم لا يذكر كلمة "سمع" فيما يرويه المترجم له عمن روى عنهم، وإنما يذكر كلمة "عن" بدلاً من "سمع" كقول البخاري: (سعد مولى طلحة عن ابن عمر) (¬4) ، وكقوله:
(شريح بن عبيد الحضرمي أبو الصلت الشامي، سمع معاوية بن أبي سفيان، وعن فضلة بن عبيد) (¬5) .
فالبخاري هنا بلغ من شدة عنايته، وعظيم اهتمامه بهذه المسألة أن يذكر كلمة "عن" بدل "سمع" في تراجم الذين لم يثبت عنده سماعهم ممن رووا عنهم، فهو يفرق بين ما ثبت سماعه لصاحب الترجمة ممن روى عنهم بقوله: "سمع"، وما لم يثبت عنده أنه سمع ممن روى عنهم بقوله: "عن".
ولأهمية هذه النقطة، ولأن فيها بعض الغموض سأذكر بعض الأدلة التي تدل على أن كلمة "عن" إذا ذكرها البخاري في تراجم كتابه قبل أسماء من روى عنهم صاحب الترجمة، فإنه تشير إلى أن سماع صاحب الترجمة من أولئك الذين روى
¬_________
(¬1) التاريخ الكبير (2/294-295) .
(¬2) التاريخ الكبير (5/97) .
(¬3) النكت على كتاب ابن الصلاح (2/595) .
(¬4) التاريخ الكبير (4/58) .
(¬5) التاريخ الكبير (4/230) .

الصفحة 97