كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 31)

وقد قال أحمد: لم يروه الثقات من أصحاب عاصم كشعبة وابن عيينة وحماد بن زيد، وإنما رواه الثوري، عن أبي حنيفة، وقد قال أبو بكر بن عياش: قلت لأبي حنيفة: هذا الذي قاله ابن عباس إنما قاله فيمن أتى بهيمة أنه لا قتل عليه، لا في المرتدة. قال: فتشكك فيه وتلون ولم يقم به. فدل على أنه خطأ، ولو صح لكان قول ابن عباس - رضي الله عنهما - يعارضه؛ لأن أبا بكر الصديق مخالف له، وقد قال: تستتاب المرتدة، ثم يرجع إلى حديث ابن عباس حديث الباب الذي هو حجة على كل أحد.
وأما قياسهم لها على الحربية فالفرق بينهما أن الحربية (إنما) (¬1) لم تقتل إذا لم تقاتل؛ لأن الغنيمة تتوقف بترك قتلها؛ لأنها تسبى وتسترق، والمرتدة لا تسبى ولا تسترق، فليس في استبقائها غنم.
فصل:
واختلفوا في الزنديق هل يستتاب، فقال مالك والليث وأحمد وإسحاق: يقتل ولا تقبل له توبة (¬2)، قال مالك: والزنادقة: ما كان عليه المنافقون من إظهار الإيمان وكتمان الكفر (¬3).
واختلف قول أبي حنيفة وأبي يوسف، فمرة قالا: يستتاب، ومرة قالا: لا (¬4).
¬__________
(¬1) في الأصل: لأنها. والمثبت من "شرح ابن بطال" وهو الأليق بالسياق.
(¬2) انظر: "عيون المجالس" 5/ 2081، "التمهيد" 10/ 155 - 157، "الشرح الكبير" 27/ 133 - 134، "الإنصاف" 27/ 133 - 137.
(¬3) "التمهيد" 10/ 154.
(¬4) "شرح السير الكبير" 5/ 179، "شرح فتح القدير" 6/ 71 - 72.

الصفحة 518