كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 31)

تقبل توبته، قال هؤلاء: وأما المعلن فتقبل توبته. وقالت طائفة أخرى: لا فرق بين المسر والمعلن في شيء من ذلك، فطائفة قبلت توبتهما معًا أقر المسر أو لم يقر، وطائفة لم تقبل توبة مسر ولا معلن.
قال: واختلفوا في الذمي أو الحربي يخرجان من كفر إلى كفر، فقالت طائفة: يتركان على ذلك ولا يمنعان منه، وهو قول أبي حنيفة ومالك (¬1). وقالت أخرى: لا يتركان على ذلك أصلاً ثم افترق هؤلاء على فرقتين؛ فقالت فرقة: إن رجع الذمي إلى دينه الذي خرج منه ترك، وإلا قتل، (ولا يترك على الدين الذي خرج إليه) (¬2)، ولا يمكن من (الخروج) (¬3) إلى الدين الذي خرج منه.
قال الشافعي وأصحابنا: لا يقر على ذلك. ثم اختلف قول الشافعي، فمرة قال: إن رجع إلى الكفر الذي كان عليه ترك، وإلا قتل إلا أن يسلم. ومرة قال: لا يقبل منه الرجوع إلى الدين الذي خرج منه لا بد له من الإسلام أو السيف، وهو ظاهر حديث الباب "من بدل دينه فاقتلوه".
قال ابن حزم وبه يقول أصحابنا: احتج لأبي حنيفة ومن تبعه بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73]، وقال أيضًا: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} [الكافرون: 1] قالوا: فقد جعل الله الكفر كله دينًا واحدًا، وقال تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] فمتى أجبر على الرجوع إلى بلاد الإسلام فقد أكره، وإن أجبر على الرجوع إلى دينه ودين الكفر فقد أجبر على اعتقاد الكفر، قالوا: واعتقاد جواز
¬__________
(¬1) "مختصر اختلاف العلماء" 3/ 508.
(¬2) في الأصل عبارة غير واضحة، والمثبت من (ص1).
(¬3) في (ص1): الرجوع.

الصفحة 522