كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 31)

فقال مالك: ما وجده أحد من ماله بعينه عندهم أخذه (¬1)، وهو قول الكوفيين والأوزاعي والشافعي (¬2)، وقد روي عن بعض أهل الكلام وأهل الحديث أن أهل البدع كفار ببدعهم، وهو قول أحمد (¬3)، وأئمة الفتوى بالأمصار على خلاف هذا، وروي عن مالك التكفير فيمن يقول بخلق القرآن، فإن احتج من كفرهم بحديث أبي سعيد: "يخرج في هذِه الأمة" ولم يقل: منها، وهو دليل على أنهم ليسوا من جملة المؤمنين، وقد تقدم: "إن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد"، فيقال لهم: وقد روي في حديث أبي سعيد أنه - عليه السلام - قال: "يخرج من أمتي" وقد أسلفناه، وساقه ابن بطال من حديث مجالد عن أبي الوداك عنه (¬4)، وحديث أبي ذر "إن بعدي من أمتي" وحديث ابن عباس "ليقرأن القرآن ناس من أمتي ثم يمرقون"، وحديث عائشة: "هم شرار أمتي" وقوله: "قتل عاد" هو بالرفع على الأكثر، أي: مثل قتلهم، وروي بالفتح أي: على مثل قتلهم، وقتلهم إنما كان على الكفر.
فصل:
روينا في كتاب أبي جعفر القابسي في المنام الذي رأى به سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيه قلت: يا رسول الله، الخبر الذي رواه كعب بن مالك وأبو أمامة وأنس أن أمتك تفترق على ثلاث وسبعين فرقة. قال: بلى، ستفترق أمتي كل هذِه الفرق، وستدركهم رحمة الله وشفاعتي.
¬__________
(¬1) "المدونة" 1/ 407.
(¬2) "مختصر اختلاف العلماء" 3/ 520، "الإشراف" 3/ 356.
(¬3) "المغني" 12/ 256.
(¬4) "شرح ابن بطال" 8/ 586.

الصفحة 565