كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 31)

وذكر ابن المنذر، عن الشافعي أنه لا يستتاب القدري وذم الكلام ذمًّا (شديدًا) (¬1)، وقال؛ لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء (¬2). وقال عبد الرحمن بن مهدي: لا أعرض أحدًا من أهل الأهواء على السيف إلا الجهمية؛ فإنهم يقولون قولًا منكرًا.
وسئل سحنون عن قول مالك في أهل الأهواء لا يصلى عليهم، فقال: لا أرى ذلك ويصلى عليهم (¬3). ومن قال لا يصلى عليهم كفَّرهم بذنوبهم، وإنما قاله مالك أدبًا لهم، قيل له: فيستتابون، فإن تاب وإلا قتل له كما قال مالك، قال: أما من كان بين أظهرنا فلا يقتل، وإنما يضرب مرة بعد أخرى ويحبس وينهى الناس عن مجالسته والسلام عليه تأديبًا له كما فعل عمر - رضي الله عنه - بصبيغ، حكي عنه بعد أدبه، ونهى الناس عنه (¬4)، فقد مضت السنة فيمن لم يتب من عمر ومضت فيمن تاب من أبي بكر، قيل له: فهؤلاء الذين نصبوا الحرب وماتوا عن الجماعة وقتلهم الإمام هل يصلى عليهم؟ قال: نعم، وهم من المسلمين، وليس بذنوبهم التي استوجبوا بها القتل ترك الصلاة عليهم، ألا ترى أن المحصن الزاني والمحارب والقاتل عمدًا قد وجمب عليهم القتل ولا تترك الصلاة عليهم، قيل له: فما تقول في الصلاة خلف أهل البدع؟ قال: لا تعاد في وقت ولا بعده، وبذلك يقول أصحاب مالك أشهب والمغيرة وغيرهما، وإنما يعيد من صلى
¬__________
(¬1) من (ص1).
(¬2) "الإشراف" 3/ 169.
(¬3) "النوادر والزيادات" 14/ 540 - 541.
(¬4) "النوادر والزيادات" 14/ 540، 541، 1/ 613.

الصفحة 567