ابن مسعود في حديثه: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" (¬1) فلا أرى لأحد منهم شهادة إذا ظهر فيها غلوه، وميله عن السنة للآثار المتواترة، ألا ترى إلى قول سعد في الخوارج فأولئك قوم زاغوا فأزاغ اللهُ قُلُوبَهُمْ وقال - عليه السلام - فيهم "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية"، وقال حذيفة: الذين يقولون الإيمان قول بلا عمل فلا حظ لهم في الإسلام، وقال أبو حنيفة: كل من نسب إلى هوى يعرف بالمجانة والفسق فأرده للمجانة التي ظهرت فيه (¬2).
فصل:
وقول علي - رضي الله عنه -: (فإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة).
قال ذلك في وقت قتاله للخوارج، معناه: أن المعاريض جائزة على ما جاء عن (عمر) (¬3) - رضي الله عنه - أنه قال: في المعاريض مندوحة عن الكذب (¬4)، وليس في هذا جواز إباحة الكذب الذي هو خلاف الحق؛ لأن ذلك منهي عنه في الكتاب والسنة، وإنما رخص في الحرب وغيره في المعاريض فقط؛ لأنه - عليه السلام - قال: "وإياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار" (¬5)، وقد سلف في الصلح في باب ليس بالكاذب الذي يصلح بين الناس (¬6)، مذاهب العلماء فيما يجوز من الكذب وما لا يجوز، وسلف شيء منه في باب الكذب في
¬__________
(¬1) النسائي 3/ 188.
(¬2) انظر: "المغني" 14/ 148 - 149.
(¬3) كذا بالأصول، وفي مصادر التخريج: عمران بن حصين.
(¬4) "مصنف ابن أبي شيبة" 5/ 283 (26087) من حديث عمران بن حصين.
(¬5) سلف برقم (6094) ورواه مسلم (2607) من حديث عبد الله بن مسعود، وهذا اللفظ لمسلم.
(¬6) سلف برقم (2692).