كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي" 1 الحديث. فيا متبعي محمد امتثلوا وصيَّته، وإنَّه لمَّا توفي صلى الله عليه وسلم ووقع بعض الخلل في ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من بعض المنافقين، واليهود، ليغيروا دينه ويخلوا بملته، منَّ الله على العباد بالراسخين في العلم، فاجتهدوا في جمع ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من أقواله، وأفعاله، وفسروا القرآن بما سمعوا من التابعين مما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم كل على حِدَتِه، الأئمة المتقنون، والثقات الراسخون، مثل محمد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري، وأبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي، وأبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، وأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي، وأبي داود سليمان بن الأشعت السجستاني، وأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وأبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني، وأبي (محمد) عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأبي الحسن علي بن عمر الدارقطني وغيرهم، ضبطوا الأحاديث، وَفَرَزُوْهَا، وبَيَّنُوا صَحِيْحَهَا مِنْ سَقِيْمَهَا وقَوِيّهَا مِنْ ضَعِيفِهَا وبوَّبوها، ونَوَّعُوهَا من جهة الأسانيد والرواة على ثمانية وثلاثين نوعا أعلاها الصحيح.
وقد اجتهد في جمعه وجدّ محمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج، واتفق على صحة ما فيهما علماء الأمصار، وأهل الدراية بالرواية من الراسخين في العلم، وسائر الأنواع ذكرها الثقات الراسخون.
هذا وقد أمر الله تعالى عباده إذا تنازعوا في الأمر أن يرجعوا ويردوا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، وقال الله تعالى:
__________
1 أخرجه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" عن أبي هريرة كما في "كنز العمال" (1/173) رقم 875.

الصفحة 10