كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

كأطيب نفحة مسك وجدت في الأرض، فيصعدون فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى السماء التي تليها حتى ينتهوا إلى السماء السابعة، فيقول الله –عز وجل-: اكتبوا كتاب عبدي في عليِّين وأعيدوه في الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها نخرجهم تارة أخرى، قال: فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولان: ما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله وآمنت به وصدقت به، فينادي منادٍ من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً من الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويُفسح له في قبره مدّ بصره، قال: ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول له: من أنت، فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: ربّ أقم الساعة، رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي" 1.
ويدفع عنهم في الآخرة عسر الحساب، قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً} . [الانشقاق: 7-9] . ويدفع عنهم كرب الموقف ويدخلهم الجنة، قال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ
__________
1 رواه الإمام أحمد (4/287) من حديث البراء بن عازب، وقد أفاض القول فيه سنداً ومتناً ابن القيم -رحمه الله تعالى- في: "كتاب الروح".

الصفحة 108