كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

السليمة، وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها، وأهلها، ونِحَلِها: أن التقرب إلى رب العباد، وطلب مرضاته، والبر، والإحسان إلى خلقه، من أعظم الأسباب لكل خير وأضدادها من أكبر الأسباب لكل شر، فما استجلبت نعم قط ولا استدفعت نقم بمثل طاعته والتقرب إليه والإحسان إلى خلقه وقد رتب الله تعالى حصول الخيرات في الدنيا والآخرة على الطاعات ورتب حصول الشر والمكروهات في الدنيا والآخرة على المعاصي وفي بعض الآثار عن الله تبارك وتعالى: "وعزتي وجلالي لا يكون عبد من عبيدي على ما أحبه ثم ينتقل إلى ما أكره إلا انتقلت له ما يحب إلى ما يكره ولا يكون عبد من عبيدي على ما أكره ثم ينتقل عنه إلى ما أحب إلا انتقلت له ما يكره إلى ما يحب" فإن الطاعة حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين من عقوبات الدنيا والآخرة، ومن خرج عنه أحاطت به المخاوف من كل جانب، فمن أطاع الله انقلبت المخاوف في حقه مأمن، ومن عصاه انقلبت مآمنه مخاوف وذلك قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} . [الأنعام: 82] .
عن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له" أي شهد أنه أحد لا جزء له وواحد لا ثاني له ووتر لا شفع له ورب لا مضاد له، وملك لا مماثل له، وإله لا شريك له في العبادة، له الملك وله الحمد وله الخلق وله الأمر قيم السموات والأرضيين ومن فيهن وربُّ كل شيء ومليكه، وكل شيء غيره مخلوق له مقهور تحت تصرفه وقهره لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرًّا، ولا يملك موتاً ولا حياة ولا نشوراً، ألا كل شيء ما خلا الله باطل، وقال آخر: وكل إله غيره فهو باطل وإن قال بعض الناس ذاك وسماه فحاشاه مما قال فيه مشبه وحاشاه من إفك المعطل حاشاه ومن

الصفحة 111