كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

المشروع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسرق السرقة من يسرق من صلاته قالوا: كيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها" 1.
وفسر بعدم حضور القلب، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} . [المؤمنون: 1، 2] . أخرجاه أي البخاري ومسلم.
ثم استدل الشيخ رحمه الله بما يدل على أن المراد ليس من لا إله إلا الله، لقلقة اللسان، وقعقعة الحروف، بل إنها لا تنفع قائلها إلا إذا قالها وهو يبتغي بذلك وجه الله أي يقولها إيماناً واحتساباً وذا في كل عمل كما قال صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً" 2. بمعنى أن يفعله عبادة لا عادة أي الباعث له حب الله وخوفه ورجاؤه وإلا مجرد لفظها بلا معرفة معناها والعمل بمقتضاها لا تنفع فإن المنافقين قالوا وشهدوا أن محمداً رسول الله وكذبهم الله قال تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} . [المنافقون:1] . وقالت الأعراب: آمنا، قال الله تعالى: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} . [الحجرات: 14] . فبان أن القول باللسان من دون اعتراف بالجنان وعمل بالأركان لا ينفع، كما قيل:
ما احترق لسان أحد بقوله نار ... ولا استغنى أحد بقوله ألف دينار
وكل قول له حقيقة فإن جئت بحقيقته فَصَدَقْتَ وصُدِّقت، وقبل منك وإلا فلا.
__________
1 رواه ابن حبان (1888) ، والحاكم (1/229) والبيهقي (2/386) من حديث أبي هريرة مرفوعاً بنحوه وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وله شواهد من حديث أبي قتادة ومن حديث أبي سعيد الخدري ومن حديث عبد الله بن مغفل.
2 رواه البخاري (38) ، ومسلم (760) عن أبي هريرة.

الصفحة 113