كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

موجود1: أي في الوجود وهذا التقدير المشهور.
3- وأما معناها: فلا تسع معناها مجلدات فضلاً عن هذا المختصر، والسبب أن ما أنزل الله الكتب ولا أرسل الرسل إلا لتقرير معناها، وإذا أمعنت النظر رأيت الكون والمكون دليل على لا إله إلا الله؛ لأن كل ما في الكون فعل الله وخلقه وقنطرة ودليل لألوهيته وعبادته، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} . [البقرة: 21، 22] .
ولله المثل الأعلى وذلك كم شرى عبداً وأنعم عليه بما يحتاج إليه من المأكل والمشرب والمنكح والمسكن ثم قال له: اخدمني ولا تشرك في خدمتي أحداً، فبدأ العبد يخدم مولاه وغيره، فالمسلم يلزمه أن يوحد الله في أفعاله أي لا ينسب أفعال الله إلى غيره، ولا نعمه إلى غيره، وهذا هو توحيد الربوبية.
ثم بعد ذلك يلزمه أن يوحد الله في أفعاله نفسه أي ما يفعل من العبادة يجعله لله وحده ولا يشرك مع الله في ذلك غيره.
وقال العماد ابن كثير في تفسير: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} . [آل عمران: 64] . أي سواء نحن وأنتم فيها أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به وثناً، ولا صليباً ولا صنماً ولا طاغوتاً ولا ناراً ولا نبيًّا بل نفرد العبادة لله وحده وهذه دعوة الرسل كلهم. ثم قال: {وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} . [آل عمران: 64] .
قال ابن جرير: "يعني نطيع بعضنا بعضاً في معصية الله" ويشهد
__________
1 هذا التقدير خاطىء. وصوابه: لا إله إلا حَقٌ إلاَّ الله، ويأتي للشارح بيانه على الصواب /ص/134.

الصفحة 117