كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

على هذا التفسير ما ورد عن عدي بن حاتم أن الرسول صلى الله عليه وسلم، يتلو قوله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} . [التوبة: 31] . قلت: لسنا نعبدهم يا رسول الله! قال: "أليسوا يحلون لكم الحرام ويحرمون عليكم الحلال فتطيعونهم؟ ". قلت: بلى، قال: "فتلك عبادتهم" 1. وقال عكرمة: أي لا يسجد بعضنا لبعض، انتهى ملخصاً.
وثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الكلمة الطيبة في قوله تعالى: {كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} . [إبراهيم: 24، 25] . أنها كلمة التوحيد وهي لا ‘له إلا الله وإطلاق الكلمة عليها وهي أربع كلمات كقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ} . في جواب {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا} . [المؤمنون: 99، 100] . وذا يقع كثيراً في كلام العرب أنهم يطلقون على الكلام المفيد لفظ كلمة، قال ابن مالك: [وكِلْمة بها كلام قد يؤم] .
قوله: "طيبة" صفة مشبهة لازمة لا تنفك من الموصوف ولا ينفك الموصوف منها، فهي طيبة في نفسها على أفضل الأعمال والأذكار وتطيب ما يخالطها إذا كان صالحاً أي إذا كان العمل مشروعاً وكان خالصاً طاب.
قال الفضيل بن عياض: ما يقبل الله عملاً إلا أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي: ما أخلصه وأصوبه؟ قال: العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبله الله، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبله،
__________
1 رواه الترمذي (3095) من حديث عدي بن حاتم وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب. وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث، وأخرجه ابن جرير في التفسير (16649) عن حذيفة مرفوعاً ورجاله ثقات.

الصفحة 118