كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

الله تعالى حتى يكون خالصاً صواباً، قوله: كشجرة طيبة مشبه به، والكلمة الطيبة مشبه والكاف حرف التشبيه، ووجه الشبه ما بينهما ما ذكر الله. أصلها ثابت وفرعها في السماء، أما كشجرة فبين، وأما لا إله إلا الله فأصلها ثابت في القلوب السليمة، وفرعها وهو الأعمال الصالحة من الإيمان والبر متفرعة على الجوارح والأعمال تصعد إلى السماء، قال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} . [فاطر: 10] . وقوله: تؤتي أكلها كل حين لا كالشجرة المعهودة التي تؤتي أكلها ستة أشهر أو سبعة بل تثمر لا إلا الله بالأثمار الحسنة الطيبة كل حين فصار وجه الشبه ثبوت أصلها وتفرعها إلى السماء، وأما إتيان أكلها كل حين فزيادة على المشبه به، وذا كثير في اللغة كما تقول للرجل العالم الكاتب الشجاع إنه كالأسد أي في الشجاعة فقط، وأما العلم والكتابة فزيادة على المشبه به. قوله: [بإذن ربها] وذلك لا ريب فيه الشجرة وغيرها مطلقاً بإذن الله تثمر وتنفع وتعطي وتمنع لا إله إلا هو، قال البغوي: "الكلمة الطيبة لا إله إلا الله1.
قال العماد ابن كثير: قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ} . أي من خلع الأنداد والأوثان وما يدعو إليه الشيطان من عبادة كل من يعبد من دون الله ووحد الله بالعبادة وحده، وشهد أن لا إله إلا الله فقد استمسك بالعروة الوثقى يعني الإيمان التي لا انفصام لها، قال سعيد بن جبير وقال الضحاك: العروة الوثقى: لا إله إلا الله، وأيضاً تستلزم الحب والبغض والموالاة والمعاداة.
__________
1 معالم التنزيل للبغوي 3/566.

الصفحة 119