كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

التذلل والعبادة على الأمر، قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} . [يوسف: 40، 67] . أي في أمر الدين والعبادة ثم بين ما حكم به فقال: {أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} . [يوسف: 40] . الثابت الذي دلت عليه البراهين، وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} . [الإسراء: 23] . أي أمر مقطوع به.
وقال البغوي فيها: "أي أمر ربك قاله ابن عباس وقتادة والحسن"1 انتهى.
وقال ابن القيم في النونية:
حق الإله عبادة بالأمر لا ... بهوى النفوس فذاك للشيطان
والأمر استدعاء الفعل بالقوة ممن هو دونه على سبيل الوجوب على الإطلاق والتجرد عن القرينة فيحمل عليه والله أعلم.
4- وأما حكمها: ففي "فاكهة القلوب": اعلم أن الناس مؤمن وكافر، فأما المؤمن فيجب أن يذكرها مرة في عمره وينوي بها الوجوب، ثم ينبغي أن يكثر ذكرها وليعرف معناها لينتفع بها، وأما الكافر فذكره لهذه الكلمة شرط في صحة إيمانه مع القدرة، انتهى ملخصاً. وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها"2. قال العلماء: إذا قال الكافر: لا إله إلا الله فقد شرع في العاصم، فإن تمم ذلك وإلا بطلت، ولكون النبي صلى الله عليه وسلم، قد قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله" ليعلم المسلمون أن الكافر المحارب إذا قالها كف عنه وصار ماله ودمه
__________
1 معالم التنزيل للبغوي 3/110.
2 رواه البخاري (1399 و1457 و6924 و7284) ، ومسلم (20) .

الصفحة 121