كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

قال: "زنا بعد إحصان، وكفر بعد إيمان، وقتل نفس فيقتل بها". وشهد لهذا ما في الصحيحين عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والترك لدينه المفارق للجماعة" 1. وقد ذكر ابن رجب في شرح هذا الحديث أنه قد ورد قتل المسلم بغير هذه الثلاث: فمنها اللواط، ومنها من أتى ذات محرم، ومنها الساحر وغير ذلك2.
6- وأما حقيقتها: فحقيقة الشيء ماهيته وأصله وما أسس عليه بنيانه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، لوفد الأزد لما قالوا إنا مؤمنون: "ما حقيقة إيمانكم" فذكروا ما تركب منه إيمانهم وأسس عليه قواعده وهو خمسة عشر خصلة، قالوا: خمس أمرتنا رسلك أن نؤمن بها، وخمس أمرتنا رسلك أن نفعلها وخمس كنا في الجاهلية عليها، وقد مضى ذكره وكذلك قول عمر -رضي الله عنه- لحذيفة لما قال: أصبحتُ مؤمناً، قال: "وما حقيقة إيمانك؟ " قال: كأني أنظر إلى عرش الرحمن وأهل النار سيصلون فيها3. فعلى هذا حقيقة لا إله إلا الله التي تركبت منها، وأسس قواعدها عليها النفي والإثبات، ونفي الألوهية عما سوى الله تعالى وإثباتها لله وحده لا شريك له، وأساس قواعدها
__________
1 رواه البخاري (6878) ومسلم (1676) .
2 جامع العلوم والحكم لابن رجب ص 320- ص 325.
3 رواه ابن أبي شيبة في الإيمان (114) مرسلاً من حديث محمد بن صالح الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عوف بن مالك فذكره بنحوه، ورواه أيضا (115) من حديث زبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كيف أصبحت يا حارثة بن مالك؟ " فذكره بمعناه. ووصله البيهقي في "شعب الإيمان" (10591) وفي إسناده محمد بن أبي الجهم، وله طريق أخرى في "الشعب" (10592) وإسناده منقطع، والله أعلم.

الصفحة 123